زنقة 20 . الرباط
إنهالت إنتقادات لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد فيلم “الزين لٌِي فيك” لمخرجه نبيل عيوش، بعد تسريب مقاطع منه. هجوم حدا بوزارة الاتصال إلى إعلان منع الفيلم الذي لم يره أحد بعد من العرض في القاعات السينمائية، الفيلم الذي ينهي الصورة الوردية التي تروّجها إعلانات شركات السياحة وتقارير القنوات عن مراكش، يظهر كيف يقدم “اللحم المغربي” على طبق من فضة للسياح الأثرياء الخليجيين والأوروبيين بلغة قوية تظهرها المشاهد المسربة.
ويبدو أن المقاطع المسربة على النت ذات الجودة العالية والموضبة بشكل ذكي، كانت تهيئ للسجال الذي سيدور حول الفيلم قبل انطلاق عروضه التجارية في المغرب. ويبدو من المقاطع المنشورة أنّ عيوش اتجه نحو جرأة كبيرة في تقديم الدعارة من خلال شخصيات ممتهناتها، والمثليين ورجال الأمن الفاسدين، والعائلات التي تتواطأ مع بناتها من أجل لقمة خبز مجبولة بامتهان كرامتهن.
قرار منع الفيلم الصادر عن وزارة الاتصال التي يوجد على رأسها مصطفى الخلفي القيادي في «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم، يطرح العديد من التساؤلات حول التحولات التي يشهدها المغرب في مجال سياسته السينمائية، بخاصة أنّ شركة توزيع الفيلم لم تقدم أي طلب لتأشيرة العرض، ما يجعل قرار الوزارة «استباقياً»! أما حجة المنع، فهي أنّ العمل يمسّ «صورة المرأة المغربية والمغرب». القانون المغربي يمنح صلاحية منح تأشيرة عرض الأفلام في القاعات السينمائية لـ»المركز السينمائي المغربي». ورغم وقوعه تحت وصاية وزارة الاتصال، إلا أنّ المركز يتمتع باستقلالية تامة عن الوزارة في اتخاذ قراراته، وعادة ما تتكون لجنة خاصة داخله لهذا الغرض.
بهذا تكون الوزارة خرجت بقرار لا يدخل ضمن صلاحياتها في سابقة في تاريخ البلد. منذ سنوات، كان «حزب العدالة والتنمية» يحمل خطاب «الأخلاق» في مواجهة الإنتاجات السينمائية. توجّه وظفه سياسياً في العقد الأول من الألفية بخاصة في بداياته.
خلال تلك الفترة، اتجه الحزب إلى المطالبة بمنع مجموعة من الأفلام وانتقادها بشكل شرس عبر جريدته «التجديد»، كأفلام «ماروك» لليلى المراكشي، و»حجاب الحب» لعزيز السالمي، و»كازانيكرا» لنور الدين الخماري و»لحظة ظلام» لنبيل عيوش.
غير أن وصول الحزب إلى السلطة بعد «الربيع العربي» هدأ من مواقفه الرسمية تجاه الإنتاجات السينمائية، وخاض الوزير مصطفى الخلفي معركة صامتة مع الرئيس السابق لـ «المركز السينمائي المغربي» نور الدين الصايل، قبل أن يتمكن من تعيين رجل مقرب منه هو صارم الفاسي الفهري على رأس المركز.
قرار «العدالة والتنمية» بحسب البعض ليس بريئاً في هذه المرحلة بالذات، بل يأتي في ظرف سياسي تميزه الانتخابات البلدية التي سيخوض معركتها قاب أشهر. وهي الانتخابات التي تظهر التحولات التي طرأت على شعبية الحزب، منذ تربعه على قائمة الأحزاب المفضلة لدى الناخبين المغاربة. أما قرار المنع فقد يزيد شعبيته لدى بعض الطبقات المحافظة في البلد.
«حزب العدالة والتنمية» ليس الوحيد الذي انتهز «فرصة» فيلم نبيل عيوش، بل خرجت شبيبة «حزب الاستقلال» إلى الشارع للتنديد بفيلم لم يره أحد! فالعرض الأول شاهده بضعة مغاربة منهم مسؤولون في «المركز السينمائي المغربي» خلال «مهرجان كان» قبل أسبوع. وفي حال عدم الوصول إلى اتفاق أو تدخلات لمنحه حق العرض، فإنّ الفيلم قد يصبح في خبر «كان»!