كيف يقوي محمد السادس العمق الأفريقي للمملكة المغربية؟
زنقة 20 . وكالات
يقوم الملك محمد السادس بجولة إلى عدد من الدول الأفريقية. وتعكس هذه الجولة، التي سيزور خلالها دول السينغال وساحل العاج “الكوت ديفوار” والغابون وغينيا بيساو، البعد الأفريقي القوي في السياسة الخارجية للمغرب، ورغبة الرباط في تطوير هذه العلاقات من علاقات ذات بعد سياسي ودبلوماسي إلى علاقات مبنية على المصالح المشتركة.
جعل الملك محمد السادس من التعاون مع أفريقيا خيارًا استراتيجيًا من خلال تعزيز علاقات بلده السياسية وإرساء شراكات متنوعة ومثمرة مع عدد من دول القارة.
وترجم هذا الخيار بزيارات متكررة للعاهل المغربي إلى عدد من بلدان القارة السمراء، أثمرت توقيع اتفاقيات مهمة جداً، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات مختلفة لضمان الاستقرار في المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال إدريس لكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات لدى جامعة القاضي عياض في مراكش، “بات المغرب يعي بشكل جيد الأهمية الاستراتيجية لهذه الدول، وهو ما جعله يطور هذه العلاقات من علاقات ذات بعد سياسي ودبلوماسي إلى علاقات مبنية على المصالح”.
وأكد إدريس لكريني، في تصريح لـ “إيلاف”، أن هذا الأمر مهم بالنسبة للمغرب، لا اقتصاديًا ولا استراتيجيًا، خصوصا أن هناك وعيًا من المجتمع الدولي ككل بأهمية أفريقيا، والإمكانيات التي تزخر بها، باعتبار أن هذه القارة ما زالت عذراء”، وزاد مفسرًا “كل هذه المحددات تجعل من المراهنة على أفريقيا ككل مراهنة، لا اقتصاديًا ولا استراتيجياً مراهنة رابحة”.
تأمين المحيط
الاستقرار تحول إلى مطلب أساسي لعدد من الشعوب، ولضمانه يجب وضع اليد في اليد لسد جميع الثغرات التي يمكن أن تتسلل منها الأيادي الغادرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وبما أن المغرب يضع الاستقرار دائمًا على رأس قائمة أهدافه، فإنه كان أحد الأسباب الأساسية التي جعلته يمد يده لتعزيز التعاون مع بلدان القارة.
يوضح مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات لدى جامعة القاضي عياض في مراكش، “تعزيز العلاقات مع بلدان المنطقة فيه نوع من تأمين المحيط المغربي، لأنه لا يجب أن ننسى أن هناك مجموعة من الإشكالات المشتركة، ولا يمكن للمغرب أن يربح لا رهانات التنمية ولا رهانات الاستقرار إلا بوجود محيط مستقر”.
وأضاف: “هناك نوع من الارتباك في بعض المناطق في مالي، وفي منطقة الساحل والصحراء، والمغرب واعٍ بهذا الأمر، لذا فهو يعمل على المساهمة في تعزيز الاستقرار من خلال الدخول في شراكات، في سياق ما يسمى بتعاون الجنوب – الجنوب”.
وقال إدريس لكريني: “العلاقات المغربية مع البلدان الأفريقية يمكننا أن ندرجها في سياق نموذج متطور لتعاون جنوب جنوب، والذي هو تعاون مربح وفيه بعض الندية ومقبول به من طرف الدول الأفريقية، لأنه لا يسعى للهيمنة ولديه نوع من المقبولية لا عند صانع القرار الأفريقي ولا عند الشعوب الأفريقية”.
وذكر أن “ميل المغرب إلى تعزيز علاقاته مع البلدان الأفريقية يبدو أنه رهان رابح بالنظر إلى وجود مجموعة من المقومات التي تدعمه في هذه المرحلة، والتي يأتي على رأسها المقوم الثقافي – الروحي، إذ هناك امتدادات تاريخية وفرت الأجواء للمغرب لكي تكون علاقته بهذه البلدان على قدر من الانسيابية والفاعلية”.
ترحيب أفريقي
يلقى الدور المغربي في أفريقيا ترحيبًا من زعماء وشعوب القارة السمراء. ويرى إدريس لكريني أن البلدان الأفريقية تعي بأنه، بحكم الموقع المغربي وبحكم المكتسبات التي حققتها المملكة في السنوات الأخيرة، يمكن للرباط أن تلعب دورًا طلائعيًا في المنطقة، بما يجعل منها بوابة لتعزيز هذه القوى الدولية الكبرى في علاقتها مع البلدان الأفريقية عبر المغرب.
وأشار إلى أن “هذه العلاقة من الناحية الاقتصادية مهمة المملكة، لأن المغرب بدأ يعي هذا الأمر، وهو ما يظهر من حجم الاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن، وأن هذه المنطقة ما زالت عذرية، وفيها مقومات وإغراءات الاستثمار”.
أول محطة في الجولة الملكية
كانت السنيغال أول محطة في الجولة الملكية. وأثمرت الزيارة عن توقيع 13 اتفاقية ثنائية، تضاف إلى 100 اتفاقية تربط البلدين في مجالات مختلفة. وترمي هذه الاتفاقيات إلى إثراء الإطار القانوني المكثف، للتعاون المغربي السنغالي، وإلى تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين.
كما تندرج، حسب ما أكدته وكالة المغرب العربي للأنباء، في إطار المقاربة الملكية المندمجة إزاء أفريقيا، التي تضع العنصر البشري في صلب مسار وأهداف التنمية، على أساس استفادة منصفة من ثمار التنمية.