المدرسة المغربية للإبداع السياسي والفكري: الاتحاد الاشتراكي نموذجا
بقلم : محمد انفي
أعتقد أن الحديث في السياسة (أو عنها)، سواء نظرنا إليها كفن أو كعلم أو كممارسة (لها قواعدها وضوابطها، طبعا)، لا يمكن أن يستقيم دون الربط بينها وبين الفكر. فالفكر، باعتباره تجسيدا للعقلانية التي ليست سوى ثمرة من ثمرات إعمال النظر والعقل، هو الذي يعطي للسياسة وللفعل السياسي مضمونهما الإيجابي؛ وذلك لكونه يوسع مدارك الفاعلين ويوضح الرؤية أمامهم ويسعفهم في فهم واقعهم وواقع بلادهم، إلى غير ذلك. فالفكر هو الذي ينير الطريق أمام السياسي الممارس، خاصة حين يتعلق الأمر بالقادة.
ومن المعلوم أن المشروع السياسي، هو مشروع مجتمعي؛ أي تصور للمجتمع الذي يراد تحقيقه بواسطة الفعل السياسي. ولا يمكن تحديد ملامح ومواصفات هذا المشروع المجتمعي دون الاعتماد على الفكر والثقافة. فالسياسة بدون فكر ولا ثقافة لن تنتج إلا العبث والضحالة والرداءة والتعصب والانغلاق والتطرف والانتهازية وغيرها من الصفات السلبية. ويكفي المرء أن ينظر حوله ليجد أصنافا من البشر محسوبين على السياسة ويتحدثون في السياسة ويكتبون فيها أو عنها، وهم ليسوا أفضل من الهَوامِّ ( ويقدم لنا الفيسبوك، وكذا التعاليق على المقلات المنشورة بالجرائد الإليكترونية، نماذج عدة على هذا الصنف من الناس).
ويبدو لي، ما لم يكن هذا جهلا مني بالإنتاج الفكري للممارسين والفاعلين في المجال السياسي الوطني، أن ليس هناك حزب سياسي مغربي يضاهي الاتحاد الاشتراكي في غنى أدبياته وفي تنوع إبداعاته واجتهاداته في المجال السياسي، تنظيرا وممارسة؛ أو بالأحرى، في الربط الجدلي بين التنظير والممارسة.
وليس في هذا القول لا شوفينية ولا أنانية ولا تفاخر ولا إلغاء للمجهود الفكري للتنظيمات الأخرى، وإنما هو، في اعتقادي الشخصي، تسجيل وتقرير لواقع لا يمكن للمتتبع الموضوعي والنزيه (سواء كان هذا المتتبع مؤرخا أو كاتب حوليات أو محللا أو باحثا أكاديميا أو مهتما هاويا مثلي) إلا أن يلمسه، بغض النظر عن الوضع الداخلي الذي يوجد عليه الاتحاد. فحتى في الفترات التي يكون يعاني فيها من أزمات داخلية أو من صعوبات تنظيمية أو من تقهقر تمثيلي (كما هو الحال اليوم)، فالإبداع السياسي عنده لا يتوقف.
وإذا ثبت غير ذلك، فأنا مستعد لتقديم نقد ذاتي في الموضوع وتصحيح الخطأ بكل أريحية وبكل تواضع، مع الاعتذار للتنظيم (أو التنظيمات) الذي (أو التي) قد أكون بحَّسْتُه (أو بخَّستها) حقه(أو حقها) بهذا القول، وكذا الاعتذار للقارئ على المعلومة (أو المعلومات) الخاطئة ألتي قد أكون مرَّرْتها، عن جهل، في هذا المقال.
واعتبارا لكون الاتحاد الاشتراكي مدرسة للإبداع السياسي والفكري، وليس دكانا انتخابيا، كما يشهد له التاريخ والواقع بذلك (انظر مقالنا بعنوان “الاتحاد الاشتراكي ليس دكانا انتخابيا !!!”، جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، 11 أكتوبر 2016)، فقد بصم الحياة السياسية الوطنية، خلال تاريخه الحافل، بقراراته ومواقفه الجريئة وحضوره الفاعل في الساحة السياسية والاجتماعية والفكرية؛ مما جعله يحظى بمكانة متميزة لدى نخب المجتمع المغربي بكل أطيافها وأصنافها وبكل مشاربها الفكرية والإبداعية.
ورغم ما تعرض له من هزات داخلية وضربات خارجية، فقد استطاع أن يقاوم ويصمد في وجه المحاولات الرامية إلى تحجيمه وتبخيس تاريخه، يل واستئصاله أو على ألأقل إيجاد بديل أو بدائل عنه (لحسابات، يعلم أصحابها دوافعها وحقيقتها).
لقد تراجع الاتحاد بشكل كبير خلال العشرية الأخيرة. ولن أخوض في أسباب هذا التراجع؛ وهي، على كل حال، متعددة ومتنوعة. وقد سبق لي أن تعرضت للبعض منها في مقالات سابقة. لكن، لا بد أن أسجل أن الاتحاد لا يزال يحظى بالاحترام والتقدير لدى العديد من نخب المجتمع المغربي. ويكفي أن أستحضر، هنا، الجمع العام التأسيسي لمؤسسة المشروع للتفكير والتكوين (وأشدد على الكلمتين معا)، الذي عرف حضورا كثيفا ومتميزا للمثقفين والباحثين في مختلف فروع العلم والمعرفة؛ كما عرف حضور الفنانين والمبدعين في مختلف أنواع الفن والإبداع.
ويؤكد هذا الحضور المتميز للنخب الفكرية والثقافية والفنية ما ذهبت إليه الأخت حسناء أبو زيد (عضو المكتب السياسي)، في عرض سياسي لها بمكناس (في 2015، على ما أعتقد)، من كون الاتحاد هو قوة سياسية وليس قوة انتخابية. وبهذه الصفة، تجده حاضرا في كل القضايا المصيرية بالنسبة لبلدنا، من قبيل القضية الوطنية والقضايا الاجتماعية والقضايا السياسية، وفي طليعتها المسألة الديمقراطية. وفي كل هذه القضايا، تجده يبدع في المفاهيم وفي الأساليب.
لن أطيل في صولات وجولات الاتحاد في الجانب المفاهيمي، نحتا وإبداعا. فقد كفاني الأخ “عبد السلام المساوي” ، من خلال مقاله “البنية المفاهيمية في الخطاب السياسي للاتحاد الاشتراكي” (جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، 26 دجنبر 2016)، مؤونة الخوض في الكثير من المفاهيم التي أغنت القاموس السياسي المغربي وأعطت للخطاب السياسي تميزا واضحا وحمولة فكرية قوية. أضف إلى ذلك أنه قد سبق لي أن تناولت، بشكل من الأشكال، هذا الموضوع في مقال بعنوان “بعضا من ملامح الخطاب السياسي المغربي” (موقع “لكم”، 9 أكتوبر 2012).
لكن، لا بد من الإشارة، في هذا الباب، إلى مفهومين أساسيين ومؤَسِّسين: النضال الديمقراطي والملكية البرلمانية، لما لهما من حمولة تاريخية وسياسية وفكرية. ولا يحتاج الأمر إلى ذكاء لإدراك الأبعاد السياسية والفكرية لهذين المفهومين. فكلاهما يحمل مشروعا سياسيا وفكريا ومجتمعيا. ويوجد بين المفهومين ارتباط وثيق (أو جدلي). وليس صدفة أن يتبنى الاتحاد الاشتراكي في مؤتمره الاستثنائي (1975) اختيار النضال الديمقراطي بديلا عن الأساليب النضالية الأخرى، ثم يرفع شعار الملكية البرلمانية في مؤتمره الثالث (1978). فالهدف من النضال الديمقراطي هو تحقيق الملكية البرلمانية، كمشروع سياسي؛ وتحقيق مطلب البرلمانية يتوقف على النضال الديمقراطي بمفهومه الواسع (أي النضال على كل الواجهات: التنظيمية والتمثيلية والاجتماعية والفكرية والثقافية والحقوقية وغيرها).
ولا يعتقدَنَّ أحد بأن اختيار النضال الديمقراطي كان اختيارا للسهولة أو تنصلا من التاريخ النضالي للحزب؛ بل، العكس هو الصحيح. فطريق النضال الديمقراطي طويل وشاق، واختياره هو اختيار للمستقبل. ولذلك، نجد أن العديد من الناس لم يستطيعوا السير في هذه الطريق. فمنهم من انزوى إلى ركن يسمح له بمتابعة ما يجري من بعيد؛ ومنهم من اختار أيسر الطرق لتحقيق مطامحه الذاتية، فارتمى في أحضان الأحزاب الإدارية أو ساهم في خلقها أو انساق وراء الإغراءات المختلفة؛ ومنهم من أراد حرق المراحل، فاختار التطرف أو الراديكالية، ومنهم، ومنهم… !!
ويكفي الاتحاد الاشتراكي فخرا أن يرى أن أغلب التنظيمات السياسية التي كانت تقاطع الانتخابات (وأغلبها خرج من رحم الاتحاد) منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وكانت ترمي الاتحاد بشتى أنواع الاتهامات، قد دخلت معمعة الانتخابات؛ مما يعني اعترافها بصواب الاختيار الديمقراطي وبجدوى التواجد في إحدى واجهات هذا النضال رغم ما يتعرض له من تمييع ومن تزييف.
أما مطلب الملكية البرلمانية، الذي لم يعد اليوم يزعج (بل، بالعكس، فقد دخل إلى دستور 2011 بشكل من الأشكال)، فقد أدى الاتحاد من أجله ثمنا باهظا تمثل في التضييق على إعلامه وصل حد المنع وتمثل في تسليط القمع على الحزب وتنظيماته المحلية والوطنية وممثليه في الواجهات الاجتماعية والثقافية وغيرها.
ويتبين لنا، من خلال المفهومين السابقين وما اكتسباه من مشروعية تاريخية وواقعية في الخطاب السياسي المغربي، أن القادة الاتحاديين تميزوا بنظرة استشرافية ورؤية إستراتيجية وبعد نظر قل نظيره. وقد يكون، في هذا، بعض من أسباب الهجوم غير المبرر على الاتحاد الاشتراكي للنيل منه ومن رجالاته وتاريخيه الذي يقف غصة في حلوق الحاقدين والناقمين…
ويستحق الاتحاد الاشتركي وصفه بالمدرسة؛ فهو مدرسة في النضال ومدرسة في التكوين السياسي ومدرسة في الديمقراطية ومدرسة في الإبداع السياسي. وفي هذه النقطة بالذات، سوف أتعرض لمثالين جديرين بالتسجيل، انفرد بهما الاتحاد خلال الخمس سنوات الماضية؛ ويتعلق الأمر بطريقة تنظيم المؤتمر الوطني التاسع وبطريقة تحضير الانتخابات التشريعية الأخيرة.
فيما يخص المثال الأول، فقد أعطى الاتحاد الاشتراكي مثالا غير مسبوق في الممارسة الديمقراطية. لقد أشرك المواطنين، من خلال البرنامج التلفزيوني “مباشرة معكم” الذي تبثه القناة الثانية، في حيثيات تحضير المؤتمر الوطني التاسع، حيث تعرفوا على المرشحين الأربعة للكتابة الأولى للحزب وعلى رؤيا وبرنامج كل واحد منهم؛ ثم إن التصويت على الكاتب الأول كان في دورين: في الدور الأول، تم إقصاء مرشحين وبقي اثنان للدور الموالي الذي فاز فيه الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول الحالي.
أما المثال الثاني الذي يخص التحضير للانتخابات التشريعية الأخيرة، فيبرز، هو أيضا، مدى تميز الاتحاد ومدى تفرده باجتهاداته وإبداعاته. فبعد أن عبأ الحزب كل الإمكانيات المادية والبشرية (بانفتاحه على العديد من الطاقات والفعاليات والكفاءات الحزبية وغير الحزبية) لتحضير برنامج انتخابي يستجيب لمتطلبات المرحلة، لجأ إلى الطرق القانونية لحماية مجهوده الفكري من القرصنة، حيث قام بتسجيل برنامجه الانتخابي لدى مكتب حقوق التأليف. وهي سابقة فيما أعتقد. وهناك سابقة أخرى تتمثل في إقدام الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، على إصدار كتاب، بنفس المناسبة (على طريقة القادة الغربيين الكبار)، بعنوان “زمن التناوب الثالث”. وقد قام بتقديم هذا الكتاب خلال حفل توقيع بمدينة الدار البيضاء.
هذه بعض الأمثلة على ما يتميز به الاتحاد الاشتراكي كقوة سياسية وكمشتل للكفاءات والأطر. ومن أراد أن يستزيد، فالأطر الاتحادية لن تبخل عنه بما في جعبتها من أمثلة أخرى عديدة. وقد نعود إلى هذا الموضوع إذا اقتضى الأمر.
إن من أضاع على بلدنا حوالي نصف قرن ، هو الفكر الطائفي المبني على تناحر طبقات المجتمع ،والمستورد من الساحة الحمراء ،كل هذا الوقت أهدر بسبب محاولات هذا الحزب ومن شاكله ،التعاون مع أدعياء الإشتراكية والتقدمية وحثمية التاريخ وصعود المريخ وسلاح البنان والبتيخ ؛كل هذا لإسقاط الحكم الملكي بالمغرب .لكن الله سلم ،وفضح المتآمرين منذ عهد الحماية ،ولولا قرطاس وتضحيات المقاومة الشعبية الا متسيسة ،زد عليها تلاحم المرحوم محمدا الخامس مع البررة من أبناء وطنه ،لكنت اليوم لا زال يكتب على بطاقتك الوطنية لانديجان .
هذا لا يعني تنزيه فكر آخر ،منه الإنتهازي ،والجامد ،المعطل لملكات العقل عن العمل ،بإسم : لايمكن وجود أحسن مما كان ، فهو الآخر إغتال الإبداع والنبوغ في أبناء المسلمين ، الكل شارك في تعطيل مسيرة خروج بلدنا مبكرا من براثن التخلف ،وأرجوا منك أن تدرس تاريخ وطنك المعاصر ،لأن الحقيقي منه طمره الفكر الحزبي الضيق ،الذي لا زالت معاوله شغالة إلى اليوم في إعاقة إنطلاقتنا نحو رحابة الفكر الحظاري ،الذي يصهر الجميع عبر تنزيله النزيه والعادل للوطنية ،ولولا وجودها لما خرج فرنسي واحد من هذا البلد المجيد ،بتاريخه وحظارته ،فنحن لسنا بذون جذور كما يتقول علينا من كانوا ،تحت حكم سلاطيننا وسلطتهم ،في السلم يرفلون أيام كانت السيبة تخرب أوطانا بأكملها .
عجائب السياسة وساسة العجب بدولة المغرب
مر انتخاب مجلس النواب كما خطط له وراء الستار . و شاهدنا بأم اعيننا على شاشة تلفزتنا الغراء كيف مثل سيناريو انتخاب رئيس البرلمان المرشح الوحيد بكثير من الدهاء وقليل من الاحترافية, باسم الواجب الوطني وتحت خيمة عزاء الديمقراطية .وفات تلفزتنا الغراء ليلة التصويت نقل خبر انتحار فقيه دستوري بعد ان اكتشف ان عمرا من البحث والتحصيل لم يشفع له في فهم النازلة و كيف فاز حزب الوردة برئاسة البرلمان مقارنة مع ما حصد من نتائج . على طريقة علماء الرياضيات الدين انتحروا بعد أبحاث مضنية لفك لغز مبرهنة بديهية وعصية. كما فاتها سبق الإعلان عن دخولنا قريبا موسوعة جينس للغرائب السياسية .
صوت مرشحو الجرار والاحرار والسنبلة والحصان والوردة لمرشح الوردة وادلى المنتمون لحزب المصباح والكتاب بأوراق بيضاء وأخرى ملغاة وانسحب برلمانيو الميزان . ولعل ما دفع فقهينا للانتحار هو السؤال التالي : ادا كانت هده الأحزاب كلها صوتت لمرشح الوردة وهم اغلبية فاين المعارضة ؟ وادا كانوا معارضة فتحصيل حاصل ان رئاسة الحكومة من حقهم وحينها سيكون بنكيران خارج الصف , ويجب ان يعيد المفاتيح . ويتراس الحكومة امين حزب الحمامة وحلفائه دون الحاجة الى انتخابات جديدة وسيكتفي أصحاب القرار والمتحكمون بتعيين جديد , واشهار مقولة مصلحة الوطن فوق الجميع.
صحيح نحن مع كل ما يخدم وطننا العزيز ولكن يجب على الدين يقفون وراء الستار ان تكون لهم الشجاعة وان يشعروا حزب المصباح تصريحا وليس تلميحا بانه حزب غير مرغوب فيه للاشتراك في تسيير المرحلة المقبلة . و يبدوا رغبتهم في اغلاق باب تهب عليهم منه رياح بلدان لا ترغب في استمرار تصدر الإسلام السياسي للمشهد السياسي المغربي . بالرغم من ان حزب البجيدي اقسم في مناسبا ت كثيرة انه ليس له علاقة بالتنظيم العالمي للإخوان او أي مشروع إسلامي سياسي اخر . طبعا مع شكر بنكيران وتنبيهه انهم مقتنعين بشعبيته و حضوره اللافت في تزيين المشهد الديمقراطي ولكن سيحاولون مكرهين الاستغناء عن خدماته مع الاحتفاظ به في الواجهة السياسية تفاديا لصداع الراس.
ويبقى السؤال المحير هو اين الديمقراطية من كل هدا ؟ هدا ما سأسال عنه حماري الحكيم ان لم يكن هو الاخر قد نفق او انتحر فانا ابحث عنه مند ان دهب في الصباح الى احد الحقول المجاورة ليرعى ويتصيد رزقه بعد ان ادرك عجزي في شراء علف له يعينه على مقاومه البرد الشديد الدي حل ضيفا ثقيلا علينا مند ايام.
موسى المصلح