زنقة 20 . الرباط
أعاد تحطم طائرة حربية مغربية باليمن، في العاشر من الشهر الجاري، النقاش حول نجاعة المشاركة المغربية في هذه الحرب، وحربه أيضا ضد تنظيم «داعش»، والأوراق الرابحة أو الخاسرة للمملكة في هذه الحروب، إلى الواجهة، في وقت استبعد فيه خبراء انسحاب المغرب من المشاركة في تلك المعارك في الوقت الراهن على الأقل.
واستبعد مراقبون مغاربة إعادة بلادهم النظر في قرار المشاركة في هذه الحروب، خصوصا أنها تحمل في طياتها أهدافا عسكرية واقتصادية وسياسية، معتبرين أن انخراط المغرب في النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط «مغامرة» قد لا تخلو من خسائر.
ويرى مراقبون أن المغرب خسر جراء مشاركته في الحرب في اليمن، سياسيا من خلال رفض جزء من الرأي العام المغربي لهذه المشاركة، وجيواستراتيجيا من خلال فقدان المغرب لدور «الوسيط» الذي عرف به من خلال احتضانه لمجموعة من فرقاء الأزمة بعدد من الدول، وعسكريا من خلال فقدان طيار مغربي.
وفي 21 أبريل الماضي، أعلن التحالف، الذي تقوده السعودية، ويشارك فيه المغرب، انتهاء عملية «عاصفة الحزم» العسكرية التي بدأها يوم 26 مارس الماضي، وبدء عملية «إعادة الأمل» في اليوم التالي، التي قال إن من أهدافها شقًا سياسيًا يتعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية.
وتشارك المغرب في تحالف دولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، يشن، منذ غشت الماضي، غارات على ما يقول إنها أهداف لـ«داعش» في العراق وسوريا.
وقال مدير مركز التكامل للإدارات والأبحاث بالمغرب، عبدالرحيم العلام، إن مشاركة بلاده في الحرب باليمن أفقدته دور «الوسيط» الذي عرف بها سابقا، خصوصا أنه كان يجمع في الكثير من المناسبات بين أطراف النزاع في عدد من الدول، كان آخرها الحوار الليبي الذي انعقد بالبلاد.
وأوضح أن بلاده كانت مؤهلة لاستضافة الحوار اليمني، وكانت هناك تحركات في هذا الاتجاه، إلا أن مشاركته في الحرب، نسف الخطوة.
وتابع العلام: «كان على الملك محمد السادس أن يبلغ البرلمان المغربي بقرار المشاركة في الحرب، لأن المشاركة لها مخاطر على أمنه، بالنظر إلى احتمال انتقام الفئات المتضررة من الحرب».
واعتبر العلام، الباحث في العلوم السياسية، أن الطائرات المغربية المشاركة في هذه الحرب تمول من دافعي الضرائب بالبلاد، وهو ما يقتضي إبلاغ المواطنين بأهداف الحرب وما وراء هذه الحرب، وبالتالي فإن البلاد خسرت ثقة جزء من الرأي العام الذي ليس له أية معطيات عن دواعي المشاركة
ومن جانبه، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين بأبوظبي بالإمارات وجامعة «فاس» بالمغرب، إن أهداف مشاركة المغرب العسكرية تتمحور حول 3 مجموعات من الأهداف، وهي أولا الأهداف الاقتصادية سواء من خلال الحصول على مساعدات مالية مباشرة، أو جلب الاستثمارات الخليجية إلى النسيج الاقتصادي المغربي.
وقال إن ثاني الأهداف العسكرية والأمنية، وتتمثل أساسا في إكساب القوات المغربية المشاركة تجربة ميدانية في هذا النوع من الحروب غير التقليدية مع فاعلين من غير الدول، موضحا أن ثالث الأهداف السياسية من خلال توطيد علاقات المغرب مع دول الخليج التي تعد الداعم الأساسي له في قضية الصحراء المغربية.
من جهته، قال محمد مصباح، الباحث في مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط، إن هناك تداخلا بين المصالح والمكاسب والتكلفة من خلال مشاركة المغرب العسكرية سواء في اليمن أو ضد «داعش».
وأوضح، أنه من حيث المصالح يرتبط النظام الحاكم في المغرب بتحالفات استراتيجية مع دول الخليج، تقوم على أساس مصالح اقتصادية وسياسية وأخرى ذات طبيعة استراتيجية، ولهذا لن يتخلى المغرب عن حلفاءه بسهولة في هذه الحروب.
وقال مصباح إنه من الصعب قياس مكاسب المغرب من هذه الحروب، لكن يبدو أن انخراط المغرب في النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط «مغامرة قد لا تخلو من خسائر».
الأناضول