زنقة 20 . الرباط
أدى الملك محمد السادس، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد باب دكالة الكبير بمدينة مراكش واستهل الخطيب خطبتي الجمعة، بالتذكير بقول الله تعالى في كتابه العزيز “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”، مبرزا بأن هذه الآية الكريمة وعد إلاهي من رب العالمين لعباده المؤمنين الصالحين، والمؤمنات الصالحات، بالحياة الطيبة في الحياة الدنيا، وبحسن المثوبة والسعادة الأبدية في الدار الآخرة، إكراما منه سبحانه وتعالى على ما قاموا به من صالح الأعمال، وما كانوا عليه في حياتهم من البر والتقوى والإحسان، وما قدموه من خير ونفع للبلاد والعباد.
وأشار إلى أنه من خصوصيات الإسلام ومحاسنه، وكمال مزاياه وفضائله، أنه أعطى لمعنى العمل الصالح مدلولا كبيرا، ومفهوما واسعا، يشمل كل ما يقوم به المسلم نحو ربه من عبادات وطاعات، ومن أعمال تعود بالخير والنفع على الناس.
وأضاف الخطيب “ونحن نستحضر الروح الطاهرة لملك صالح مصلح، جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي ستحيي الأمة بعد غد الذكرى الثامنة عشرة لالتحاقه بالرفيق الأعلى راضيا مطمئنا، مشمولا بفضل الله وكرمه الوارد في عموم قوله تعالى “يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”، وقوله سبحانه: “والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين”.
وذكر الخطيب بأن الملك الحسن الثاني نور الله ضريحه، كان مثالا للملك المتبصر المجاهد، والمدافع الصامد، فحافظ لمغربنا المسلم الأبي على دينه وعقيدته، وخصوصياته ومميزاته، ومقدسات دينه وثوابت وطنه، وعلى وحدته والتئام شمله، فأعلى شأنه وسمعته بين بلاد العالم، فكان رضوان الله عليه مشمولا بقوله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا”.
وأكد أنه بقدر ما نبتعد، مع مرور الزمن، عن منجزات عهد الحسن الثاني، بقدر ما نزداد تقديرا لحنكته وإعجابا بحكمته وصواب اختياراته، فقد كان له، رحمة الله عليه، صبر الموقنين بنصر ربهم، فما استفزه المستفزون، ولا استخفه طيش المغامرين، إذ عرف كيف يدعم الاستقرار ويصون وحدة البلاد، وكان بنظره الثاقب عارفا أين تكمن أولويات المستقبل، سواء في توازن السياسة في عهد تلاطمت فيه أمواج الأفكار، والعالم يبحث عن نفسه، أو توجيه الاقتصاد في وقت كان الناس فيه لا يقدرون خطورة الماء، وأولوية أسباب المعاش وتوفير الغذاء.
وفي هذا الصدد، أكد الخطيب أن خلف الحسن الثاني ووارث سره، وأمل المغرب المرتجى، أمير المؤمنين، الساهر على المصلحة العليا لبلدنا الأمين، جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره، يواصل في عهده المبارك الميمون، ذلكم الجهاد الأكبر المتمثل في المسيرة الإنمائية الكبرى، والنهضة الإصلاحية العظمى، في مختلف جهات وأقاليم المملكة، جاعلا، حفظه الله، من الاهتمام بالعنصر البشري، ورشا هاما من أوراشه الكبرى، للنهوض بالوطن بأكمله، وتوفير العيش الكريم لجميع شرائح المجتمع.
وأشار إلى أنها مسيرة إنمائية مباركة، ونهضة حضارية متواصلة، حافلة بجليل الأعمال وعظيم المنجزات، تبشر بالخير والنماء، وتحقق المزيد من الازدهار والرخاء.
وسجل أن مشيئة الله وحكمته البالغة، اقتضت أن تكون منزلة المرء ومكانته، ورفعة درجته وعلو مقامه عند الله و عند الناس، بحسب ما يحمله في قلبه ونفسه من الإيمان والتقوى، وما يكون عليه من الصلاح والهدى، وما يتحقق على يديه من أعمال جليلة وخيرات عظمى.
وذكر الخطيب بأن الله جمع لجلالة المغفور له الحسن الثاني هذه المزايا والمكارم، التي يحق فيها قول الله تعالى ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا تبديل لكلمات الله، ذلك هو الفوز العظيم”.
واعتبر أن الخصال الحميدة، والسجايا الكريمة، التي حبا الله بها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سليل الدوحة النبوية الطاهرة، إنما يصدق فيها هذا الحديث النبوي الشريف، كما يصدق فيها قوله تعالى”والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه”.
وفي الختام ابتهل الخطيب إلى الله تعالى بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بحفظه، ويكلأه بعنايته، ويؤيده بنصره، ويجزيه خير الجزاء ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بصنوه صاحب السمو الملكي الأمير المجيد مولاي رشيد، وبسائر أفراد أسرته الشريفة.
كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، وأن يسكنهما فسيج جنانه.