خبراء القانون الفرنسي: محامي الملك لن يخلص ‘المجرد’ من السجن كما وقع عندما تدخل بوتفليقة للشاب ‘مامي’
زنقة 20 | الرباط
قال المحامي الفرنسي الشهير إيريك ديبون موريتي المعلومات الصحافية التي كشفت أن الملك محمد السادس كلّفه بالدفاع عن الفنان سعد لمجرد في قضية الاعتداء الجنسي، التي أدت إلى سجنه في باريس، نهاية الأسبوع الماضي.
وقال مكتب المحامي ديبون موريتي إن هذا الأخير سيلتقي سعد لمجرد لأول مرة غداً الأربعاء، ليبحث معه الإسترتيجية الدفاعية التي سيعتمدها للمرافعة عنه. ويعتبر المحامي الفرنسي إيريك ديبون موريتي Éric Dupont Moretti من أشهر المحامين الفرنسيين، ويعرف بحنكته في كسب أو حلّ أعقد القضايا الجنائية ولعلّ من أشهرها قضية “الابتزاز الملكي”، التي تورط فيها الصحافيان الفرنسيان إيريك لوران وكاترين غراسييه، من خلال مطالبتهما الملك محمد السادس بتقديم رشوة لهما مقابل عدم نشر كتاب من تأليفهما، قالا إنه يضمّ معلومات محرجة للعائلة المالكة.
وقد تولى المحامي ديبون موريتي تمثيل الملك محمد السادس في هذه القضية، ونجح في وضع الصحافيين المذكورين في قفص الاتهام، مقدماً للقضاء الفرنسي أدلة دامغة أثبتت أنهما كانا مصدر محاولة الابتزاز، بعد أن حاولا الإيحاء بأنهما ضحية “مؤامرة ابتزازية” من قبل الأمن.
كما يشتهر المحامي ديبون موريتي بنجاحه في الحصول على براءة موكليه في الأغلبية الساحقة من القضايا الشائكة والمعقدة التي رافع دفاعاً عنها، والتي كان آخرها قضية لاعب كرة القدم الفرنسي من أصل جزائري، كريم بنزيما، الذي ورد اسمه في قضية ابتزاز تتعلق بفيديو غير أخلاقي يخصّ لاعباً في المنتخب الفرنسي هو ماثيو فالبيونا.
وقد نجح ديبون موريتي في تبرئة كريم بنزيما من تلك التهم التي حرمته من اللعب تحت ألوان المنتخب الفرنسي فهل ينجح هذا المحامي المحنك في حل قضية سعد لمجرد؟ علماً بأن تهمة “الاعتداء الجسدي ذي الطابع الجنسي” قد أثبتت ضده من قبل قاضي التحقيق، ما أدى إلى إصدار قرار من النائب العام الفرنسي بإيداعه الحبس الاحتياطي.
ووفقاً لمصادر مقربة من المحققين، فإنّ قرار النائب العام الفرنسي بحبس الفنان المغربي جاء بعد أن أثبتت التقارير الطبية أن الفتاة التي اتهمت سعد لمجرد بالاعتداء الجنسي تعرضت بالفعل للتعنيف.
وتقول المصادر ذاتها إن النائب العام كان بإمكانه الإفراج عن سعد لمجرد بكفالة بانتظار محاكمته، لكن الأمور تعقدت بسبب وثيقة للشرطة الجنائية الأمريكية أرسلت عبر الفاكس إلى مكتب النائب العام الفرنسي لإبلاغه رسمياً بأن الفنان المغربي سبق اتهامه بقضية اغتصاب أخرى، عام 2010، في الولايات المتحدة، ولم يتمكن القضاء الأمريكي من محاكمته لأنه هرب من الولايات المتحدة بعد إطلاق سراحه بكفالة مالية، ورفض لاحقاً الاستجابة للاستدعاءات القضائية التي وجهت له وهذا ما يفسر إحجام النائب العام الفرنسي عن إطلاق سراح سعد لمجرد بكفالة، خشية أن يتكرر السيناريو ذاته في القضية التي يُتهم بها حالياً في فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي يعدّ من أكثر التشريعات الغربية تشدداً في قضايا الاعتداءات الجنسية. فبخلاف التشريعات الأنجلوساكسونية التي تسمح للنساء ضحايا الاعتداءات بإجراء تفاهمات مالية أو تسويات قضائية من الجناة، في مقابل التنازل عن الشكاوى، فإن القانون الفرنسي ينص على أن النائب العام يتأسس قضائياً كطرف مدني في مثل هذه القضايا، أي أنه يصبح هو رافع الدعوى، ويحق له أن يقوم بمتابعة الجناة حتى لو تنازلت الضحايا عن الدعاوى الأصلية.
ويعاقب القانون الفرنسي على الجرائم والاعتداءات ذات الطابع الجنسي بعقوبات تتراوح من أربع سنوات إلى خمس عشرة سنة سجناً.
وبالرغم من أن تكليف محام بمثل مكانة إيريك ديبون موريتي سيقوي هيئة الدفاع عن سعد لمجرد في المحاكمة التي تنتظره في باريس، فإن خبراء القانون الفرنسي يستبعدون أي تأثير، ولو كان رمزياً، لكون الملك محمد السادس هو الذي أوكل له هذا المحامي. فقد سبق لرئيس دولة آخر هو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن قام بمسعى مماثل في قضية وجهت للفنان الجزائري الشاب مامي بتهمة محاولة الإجهاض القسري التي راحت ضحيتها في صيف 2005 عشيقته السابقة ذات الجنسية الفرنسية إزابيل سيمون.
لكن المساعي الدبلوماسية الجزائرية اصطدمت بتشدد التشريعات الفرنسية في قضايا الاعتداءات ضد النساء وأدين الشاب مامي بالسجن خمس سنوات وأطلق سراحه في 23 مارس 2011.