زنقة 20 | علي التومي
يقود أحمد البواري وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تغييرات جذرية في وزارة الفلاحة التي عرفت ركودا في عهد الوزير السابق محمد صديقي.
البواري الذي يوصف بأنه “مهندس” مشروع الطرق السيارة المائية، و أحد الأطر العليا المتمرسة في الوزارة، يُشهد له بخبرة طويلة في قضايا الفلاحة والتدبير الاستراتيجي، ما جعله الشخصية الأنسب لقيادة هذه الوزارة في وقت تواجه فيه تحديات معقدة على المستويين الوطني والدولي.
قيادة تغيير نوعي داخل الوزارة
منذ توليه المنصب، بدأ أحمد بواري في إجراء تغييرات جوهرية داخل الوزارة، انطلاقاً من إعادة هيكلة فرق العمل.
و يركز الوزير على استقطاب كفاءات جديدة قادرة على تحمل مسؤولية إدارة القطاع من المركز، مع ضمان مرونة كافية لمعالجة الإشكاليات الميدانية.
زويبدو أن هذا النهج يعكس رغبة واضحة في تجاوز المقاربات التقليدية التي طالما أعاقت تقدم القطاع، مع التركيز على الحلول المبتكرة التي تستجيب للحاجيات العاجلة والمستقبلية.
تحديات الأمن الغذائي وتزويد السوق المحلي
إحدى أولويات الوزير بواري هي ضمان تزويد السوق المحلي بكافة حاجياته من الخضر واللحوم، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية التي تؤثر على الإنتاج الفلاحي. هذه المهمة تتطلب عملاً متكاملاً يبدأ من تعزيز قدرات الإنتاج المحلي، مروراً بتحسين سلاسل التوزيع، وصولاً إلى ضبط الأسعار بشكل يُحقق التوازن بين المنتجين والمستهلكين.
تطوير مناطق سوقية جديدة مرتبطة بتحلية مياه البحر
أحد المشاريع الرائدة التي يسعى الوزير بواري إلى تفعيلها يتمثل في تطوير مناطق سوقية جديدة ترتكز على فلاحة خالية من الكربون. يعتمد هذا النهج على إنشاء محطات تحلية مياه البحر، تعمل بالكامل بالطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والريحية، لتزويد المناطق الفلاحية بالمياه اللازمة دون الإضرار بالبيئة.
هذا المشروع يعكس تحولاً جذرياً في رؤية الوزارة نحو فلاحة مستدامة، حيث تهدف إلى تعزيز الإنتاج الفلاحي في المناطق الجافة وشبه الجافة من خلال توفير مصادر مياه متجددة ومستدامة ، و خفض الانبعاثات الكربونية عبر تقليل الاعتماد على الطاقات التقليدية في الفلاحة، و إحداث أسواق جديدة تدعم التنمية المحلية وتُحفز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بسلاسل الإنتاج والتوزيع.
استراتيجية الجيل الأخضر 2030: بين الطموح والتأخر
من المهام الاستراتيجية التي تقع على عاتق أحمد بواري تسريع تنفيذ استراتيجية الجيل الأخضر 2030. ورغم كونها رؤية طموحة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في القطاع الفلاحي، إلا أن تنفيذها يشهد تأخراً ملحوظاً، و يعزو الخبراء هذا التأخير إلى تعقيدات هيكلية وتنظيمية، فضلاً عن نقص التنسيق بين مختلف المتدخلين.
الوزير بواري يُدرك أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على مجموعة من الإجراءات المترابطة، تشمل تعزيز الاستثمار في البحث الزراعي: لتطوير حلول تكنولوجية تتكيف مع التحديات المناخية، دعم الفلاحين الصغار من خلال تقديم برامج تكوين ومساعدات مالية لرفع إنتاجيتهم، و ترشيد استعمال الموارد المائية باستخدام تقنيات الري الحديثة لمواجهة شح المياه، و تعزيز التصدير الفلاحي بما يساهم في تطوير الموقع المغرب في الأسواق الدولية كرائد في تصدير المواد الفلاحية وتحسين الميزان التجاري للمغرب.
التزام الوزير بتطوير القطاع الفلاحي
أحمد بواري يتميز برؤية واضحة تركز على النتائج الملموسة فهو يُؤمن بأهمية العمل الميداني والقرب من الفلاحين لفهم تحدياتهم ووضع الحلول الملائمة. كما يُظهر التزاماً كبيراً بمبدأ الاستدامة لضمان استمرارية الإنتاج الفلاحي وتحقيق الأمن الغذائي.
الرؤية المستقبلية
قيادة الوزير أحمد بواري تُعطي أملاً جديداً للقطاع الفلاحي المغربي. فرغم الصعوبات والتأخير في تنفيذ البرامج الطموحة، فإن إشرافه على التغيير في الوزارة، إلى جانب التركيز على العمل الميداني وتفعيل آليات التنسيق بين الأطراف المعنية، يُعد بداية لمرحلة جديدة قد تُسهم في تعزيز دور الفلاحة كمحرك أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.
وتمثل مشاريع الفلاحة الخالية من الكربون القائمة على تحلية مياه البحر خطوة جريئة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وستُشكل نقلة نوعية ليس فقط على مستوى تزويد السوق المحلي، ولكن أيضاً على صعيد تحسين مكانة المغرب كدولة رائدة في الابتكار البيئي والفلاحي.