زنقة 20. وجدة
مع تنقل الألاف من الجماهير المغربية لمدينة وجدة، لمتابعة مباراتي أسود الأطلس ضد منتخب أفريقيا الوسطى، إكتشف عدد كبير من هذا الجمهور منهم من يزورها لأول مرة، الجهة الشرقية ومدينة وجدة على الخصوص.
حضور المنتخب الوطني المغربي لهذه المدينة، يبدو أنه قدم خدمة كبيرة لساكنة المنطقة، التي إكتشف عدد كبير من الجمهور المغربي القادم من مدن وجهات بعيدة، حجم التهميش الذي يعيشون في كنفه.
فرغم الربط الطرقي الممتاز وكذا الربط الجوي والسككي (قطار بخاري) الذي تتمتع به الجهة، فإن دور المنتخبين والمسؤولين يبدو غائباً، من خلال غياب الفضاءات الخضراء والإعتناء بالمظهر الجمالي للمدينة وتهيئة طرقاتها وأزقتها التي تتآكل أمام أعين المسؤولين على رأسهم والي الجهة.
المئات تنقلوا من مدن وجهات بعيدة كالرباط والدارالبيضاء وطنجة وأخرى مجاورة كفاس ومكناس وتازة والحسيمة والناظور، ومليلية، ضمنهم من فضل المبيت بالمنتجع السياحي السعيدية، وأخرون وجدوا ضالتهم بفنادق مدينة وجدة على قلتها، لإكتشاف مدينة المساجد، التي تشهد على تاريخ عريق وتعيش تهميشاً وعزلةً قاتلة.
بعدما كانت وجدة “نوارة” إلى عهد قريب، مع إزدهار الرواج التجاري بها مع المدن الجزائرية المجاورة، تحولت لمدينة أشباح، كما ساهم كسل المسؤولين على المدينة والجهة في جعلها مدينة ميتة لا تنتظر سوى تشييعها لمثواها الأخير.
مدينة جميلة حولها كسل المسؤولين لمدينة أشباح
شوارع وأزقة مدينة وجدة لا توحي على وجود حياة، بإستثناء محيط الملعب الشرفي الذي إزداد رونقاً بقدوم المنتخب الوطني المغربي ليعيد الحياة لهذه المدينة ويدق ناقوس خطر الإهمال الذي تعيشه.
فقد تابع المغاربة عبر النقل التلفزيوني، كيف تم تزيين الملعب الشرفي ومحيطه لإستقبال أسود الأطلس، لكن واقع الحال بمدينة وجدة غير ذلك. فكل شيء يوحي على أن المدينة تعيش في تسعينيات القرن الماضي، مقارنة مع الرباط و طنجة والدارالبيضاء وأكادير.
كثيرون كانوا قد طالبوا بإدراج مدينة وجدة ضمن المدن المستضيفة لنهائيات كأس الأمم الأفريقية 2025، بل حتى مونديال 2030، لإنتشالها من العزلة والتهميش الذي عمر بها لعقود خاصة بعد إغلاق الحدود مع الجارة الجزائر، حيث أن واقع الحال الذي إكتشفه الجمهور المغربي الذي زار وجدة لأول مرة خلال مباراتي المغرب أمام أفريقيا الوسطى، يجعل هذا المطلب ذا أولوية قصوى لإنقاذ المدينة والجهة ككل.
جهة بفريقين عريقين دون أن تحضى بملعب يليق بها
أصبحت الجهة الشرقية سنوياً قبلة للنوادي الكروية الأفريقية العريقة، لخوض المنافسات القارية في كرة القدم، مع مواظبة نادي نهضة بركان على مواصلة التألق، وحضوره الدائم، بجانب نادي مولودية وجدة العريق.
هذا الحضور القاري، في الوقت الذي يوازيه إحداث أكاديمية كرة القدم بالسعيدية من الطراز العالمي، فإن ذلك لم يوازيه تطوير البنية التحتية لملاعب الكرة الرسمية، من قبيل تطوير ملعبي بركان و وجدة. فهل سيستيقظ المسؤولون على هذه المدينة على رأسهم والي الجهة، ليرى المواطنون بهذه الجهة العزيزة مشاريع تعيد اليهم الحياة كالتي يراها المواطنون بالرباط وطنجة وأكادير.