زنقة20ا الرباط
رجحت المندوبية السامية للتخطيط تراجع التضخم بالمغرب إلى أقل مستوياته منذ الفصل الثاني من عام 2021، متوقعة أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا يقدر بـ2.9 بالمئة، حسب التغير السنوي خلال الفصل الأول من 2024.
وأوضحت مندوبية التخطيط في موجز نشرة الظرفية الاقتصادية للفصل الأول من 2024 وتوقعات الفصل الثاني من 2024، أنه يرجح أن يعرف التغير السنوي لمؤشر أسعار المستهلك تباطؤا ليصل إلى 1.1+ بالمئة خلال الفصل الأول من سنة 2024، بانخفاض 2.7 نقطة عن الفصل السابق.
وبخصوص انخفاض أسعار المواد الغذائية، يعود هذا التوجه، وفق ذات المصدر، إلى تقلص ملحوظ في أسعار المواد الغذائية، حيث ستتراجع وتيرة تطورها إلى 1.4+ بالمئة على أساس سنوي، بعد أن بلغت 7.7+ بالمئة خلال الفصل السابق.
وتوقع المصدر ذاته أن الزيادة في أسعار السلع غير الغذائية ستتقلص إلى 0.9+ بالمئة على أساس سنوي، مقابل 1 بالمئة في الفصل الرابع من سنة 2023.
ورجحت، مندوبية التخطيط أن يتخذ التضخم الكامن، الذي يستبعد أسعار السلع الخاضعة لتدخل الدولة والمنتجات سريعة التقلب، مسارًا مشابهًا، ولكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالتضخم العام، حيث سيبلغ 2.5+ بالمئة في الفصل الأول من سنة 2024، بعد 3.7+ بالمئة خلال الفصل السابق، مستفيدا من تخفيف الضغوط التضخمية على مستوى المواد الغذائية (باستثناء المنتجات الطازجة) وانخفاض أسعار المنتجات المصنعة.
ومن المرتقب ان تشكل أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بشكل كبير خلال السنة الماضية، المحرك الرئيسي لانخفاض التضخم، وذلك بفضل انخفاض أسعار المنتجات الطازجة مع إسهام يقدر بـ0.6- نقطة، خاصة أسعار الخضروات الطازجة والحوامض.
وأبرزت المندوبية أنه يتوقع أن يؤدي زيادة توافر المنتجات في السوق، الناجم جزئيًا عن تناوب دورة إنتاج بعض المحاصيل وزيادة الواردات، إلى تهدئة التوترات على أسعارها، مؤكدة أنه باستثناء المنتجات الطازجة، سيساعد استمرار تباطؤ الأسعار، خاصة أسعار المنتجات القائمة على الحبوب والزيوت النباتية، الناجم عن انخفاض أسعارها العالمية، في تسريع وتيرة تباطؤ التضخم.
وأشار موجز الظرفية الاقتصادي إلى أن أسعار التبغ ستسجل في شهر يناير ارتفاعا بوتيرة أقل من نظيره المسجل في العام السابق (2.2 بالمئة، مقارنة بـ 5.4 بالمئة خلال نفس الفترة من العام السابق).
فيما يتعلق بأسعار السلع غير الغذائية، رجحت المندوبية أن يكون تباطؤ الأسعار أكثر وضوحًا على مستوى المنتجات المصنعة (0.6+ بالمئة، مقابل 1.6+ بالمئة في الفصل السابق) بالمقارنة مع أسعار الخدمات (1.1+ بالمئة، بعد 1.2+ بالمئة).
ويعزا ذلك بشكل أساسي إلى التعديل التنازلي الذي شهدته أسعار الأدوية في شهر يناير الماضي (0.1- نقطة مساهمة في التضخم)، في سياق خفض ضريبة القيمة المضافة المتعلقة بها. وعلى العكس من ذلك، ستظل أسعار الطاقة شبه مستقرة (0.1- بالمئة) بعد انخفاضها بنسبة 1.5 بالمئة في الفصل السابق.
وبخصوص توقعاتها للنمو الاقتصادي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يرتفع بـ2.9 بالمئة، حسب التغير السنوي خلال الفصل الأول من 2024.
وأوضحت أن النشاط الاقتصادي سيواصل تحسنه، رغم تراجع القيمة المضافة الفلاحية، مدعومًا بشكل أساسي بديناميكية القطاعات الثانوية وتعزيز الخدمات.
وأضافت أنه من المنتظر أن يحافظ النشاط الاقتصادي، باستثناء الفلاحة، على ديناميته خلال الفصل الثاني من 2024، “غير أن استمرار انكماش الأنشطة الفلاحية سيسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي الإجمالي إلى 2.7 بالمئة على أساس التغير السنوي خلال نفس الفترة”.
وترتقب المندوبية أن يظل إسهام الطلب الخارجي الصافي في النمو الاقتصادي الإجمالي سلبيا، حيث سيصل إلى 3.9- نقطة خلال الفصل الأول من 2024، في أعقاب ارتفاع حجم الواردات الوطنية من السلع والخدمات بما يعادل 17.3 بالمئة بالموازاة مع زيادة بـ8.4 بالمئة في حجم الصادرات حسب التغيرات السنوية.
من حيث القيمة، يرجح المصدر ذاته أن تشهد الصادرات من السلع على وجه الخصوص ارتفاعا بنسبة 6 بالمئة حسب التغير السنوي، خلال الفصل الأول من 2024، مبزرا أن هذا التحسن سيهم بشكل أساسي صادرات السيارات والطائرات ومنتجات الصناعة الكهربائية، لافتا إلى أن مبيعات الفوسفاط ومشتقاته ستسهم بنسبة 1.4 نقطة في تحسن الصادرات الإجمالية، بعد أن كان إسهامها سلبيا في الفصول السابقة، مستفيدا من انتعاش نسبي للطلب الخارجي.
من ناحية أخرى، يرتقب أن تعرف قيمة الواردات من السلع على وجه الخصوص تراجعا طفيفا، بسبب انخفاض أسعار الاستيراد، خاصة تلك المتعلقة بالمواد الخام، ويعزا تقلص قيمة المنتجات المستوردة من الطاقة إلى تراجع أسعار “الفحم والوقود” و”غاز البترول والمواد الهيدروكربونية الأخرى”، بينما ستحقق المشتريات من الغازوال وزيت الوقود ومشتقات البترول الأخرى ارتفاعا ملحوظا.
وعلى العكس من ذلك، توقعت المندوبية أن تعرف واردات السلع الاستهلاكية والمنتجات شبه المصنعة تناميا خلال نفس الفترة، وخاصة قطع غيار السيارات والأدوية، تليها المواد الغذائية مثل القمح والشعير والحيوانات الحية، في ظل انخفاض مرتقب في الإنتاج الفلاحي.
وخلص موجز الظرفية الاقتصادية إلى أن ارتفاع قيمة الصادرات من السلع وتراجع قيمة الواردات سيسهم في تقلص العجز التجاري من السلع وتحسن معدل تغطية الواردات بالصادرات، خلال الفصل الأول من 2024 بـ4.7 نقطة مقارنة بنفس الفترة من 2023، ليصل إلى 66.3 بالمئة.
وبخصوص تعافي الطلب الداخلي، من المنتظر، وفق مندوبية التخطيط أن يؤكد الطلب الداخلي تعافيه خلال الفصل الأول من 2024، مسهمًا بـ 6.7 نقطة في النمو الاقتصادي الإجمالي، مقارنة بـ 0.1- نقطة خلال نفس الفصل من العام الماضي، مرجحة أن يرتفع استهلاك الأسر بنسبة 2.7 بالمئة، بدلاً من 0.1 بالمئة، على أساس سنوي.
ويفسّر هذا الارتفاع جزئيًا بتأثير التقويم المرتبط بزيادة نفقات الاستهلاك خلال شهر رمضان وقبله وإلى تحسن القدرة الشرائية الناجم عن انحسار الضغوط التضخمية.
وأوضحت أن نفقات استهلاك الأسر سترتكز بشكل أساس على المنتجات الغذائية والمنتجات النهائية الاستهلاكية المستوردة.
وأظهرت آراء تجار الجملة حول تطور مبيعاتهم من المنتجات الغذائية والمشروبات، التي تم جمعها خلال البحث الأخير حول الظرفية الذي تنجزه المندوبية السامية للتخطيط، تحسنًا بنسبة 24.6 نقطة، على أساس سنوي، بينما استمر تراجع آرائهم بخصوص مبيعات السلع المحلية الأخرى والزراعية.
من ناحية أخرى، ينتظر أن يرتفع استهلاك الإدارات العمومية بنسبة 3.4 بالمئة، بدلا من 2.7 بالمئة في نفس الفصل من العام السابق، مستفيدا من زيادة نفقات التسيير.
وستواصل نفقات الاستثمار ديناميتها بوتيرة قوية للفصل الثالث على التوالي، مع ارتفاع تكوين رأس المال الخام بنسبة 17.3 بالمئة في الفصل الأول من عام 2024، إذ يرتقب أن تستفيد الشركات من تحسن هوامشها خلال السنة الماضية بدعم من موجة التضخم، كما ستعمل على زيادة اعتمادها على الاقتراض من البنوك لتمويل مشاريعها الاستثمارية.
وفي هذا الصدد، أوضحت بيانات القروض المخصصة للتجهيز، حسب موجز الظرفية الاقتصادية، زيادة بنسبة 10.8 بالمئة، في متم شهر فبراير 2024، على أساس سنوي، مقارنة بـ 4.6- بالمئة في نفس الفترة من العام الماضي.
ورجحت المندوبية السامية للتخطيط أن تشهد الاستثمارات في قطاع البناء تحسنا، مدعومة بالبرامج الحكومية المتعلقة بتهيئة بعض الملاعب المبرمجة لاستقبال كأس الأمم الإفريقية 2025، وإعادة بناء وإصلاح المناطق المتضررة من زلزال 08 شتنبر 2023، بالإضافة إلى برنامج الدعم في اقتناء السكن.