تطوان…الحمامة البيضاء المدينة المغربية الأكثر أندلسيةً (روبورتاج)

زنقة 20. تطوان / روبورتاج

تعد مدينة تطوان أو كما يحلو لزوارها تسميتها بـ”الحمامة البيضاء” واحدة من أهم مدن المغرب العريقة و المميزة بموقعها الجغرافي الرائع، حيث تجلب آلاف السياح المغاربة والأجانب سنويا على طول السنة إذ تقع في منطقة ريفية ساحرة علي ساحل البحر البيض المتوسط بالقرب من مدينة طنجة بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف قاتمة اللون.

وتتميز مدينة تطوان القديمة بامتزاج الحضارة الأندلسية الإسلامية بالثقافة المغربية منذ القرن الـ16، وتقف هندستها المعمارية وفنها شاهدة على التأثيرات الأندلسية الواضحة التي احتفظت بها بعيدا عن التأثيرات الخارجية، وأسهمت بقوة في إدراجها على قائمة التراث العالمي لمنظمة “يونسكو” منذ عام 1998.


الموقع الجغرافي للحمامة البيضاء.. تطوان

يتميّز موقع مدينة تطوان بكونّه استراتيجيًا، حيث تقع في الناحية الشمالية من المملكة، وتمتد فوق سلسلة جبال الريف، وعلى طول نهر مرتيل، ويحدّها البحر الأبيض المتوسط من الناحية الشرقيّة، وتفصل بينهما مسافة تُقدّر 11 كم، وتحدّها من الناحية الشمالية كلٌّ من مدينة سبتة المُطلّة مباشرةً على جبل طارق، وتقدّر بينهما المسافة بـ 40 كم، كما تحدّها من الناحية الشماليّة الغربيّة مدينة طنجة وتفصل بينهما مسافة 60 كم، وتبعد على العاصمة الرباط 277 كيلومتر.

وتتوفر مدينة تطوان على مطار (سانية الرمل) الذي يستقبل سنويا أزيد من 270 ألف مسافر من أنحاء العالم والمدن الداخلية، بالإضافة إلى محطة حافلات بمواصفات عصرية تمكن السياحة من الوصول إليها قادمين من مختلف المدن المغربية عبر الطرق الوطنية المؤدية لها.

تاريخ المدينة الأثرية

تقع المدينة الأندلسية أو كما تلقب بـ”الحمامة البيضاء” على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة طنجة, بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف القاتمة اللون، التي يتميز عمرانها باللون الأبيض.

وتطوان مدينة لها تاريخ طويل، بنيت على مدينة “تمودة” التي تعود للقرن الـ3 قبل الميلاد، دمرها الرومان عام 42 قبل الميلاد، وفي أوائل القرن الـ14، وتحديدا عام 1307 أعاد السلطان المريني”أبوثابت” بنائها لتحرير مدينة سبتة من الإسبان، لكن الملك “هنري الثالث” دمرها بالكامل سنة 1399.

وفي نهاية القرن الـ15، وتحديدا بعد سقوط مملكة غرناطة عام 1492، خرج أهالي الأندلس واستقروا في مدينة تطوان، وبنوها مرة أخرى، وأدخلوا الأنماط العمرانية الأندلسية في المدينة الجديدة، وهكذا امتزجت الثقافة الأندلسية مع نظيرتها المغربية في مدينة تطوان من مطلع القرن الـ16 الميلادي.

المعالم الأثرية والسياحية لمدينة تطوان القديمة

يرى الزائر للمدينة التأثير الأندلسي في الميدانين العُمراني والمِعماري، ويلمح تأثيرات الهجرات الأندلسية إلى المغرب، وبالأخص أدوار الأندلسيين في بناء وتجديد مدينة تطوان، وتأثيراتهم في الميادين المعمارية والثقافية والهندسية والعِلمية، ومقدُراتهم العالية على طبْعِ حياة أهل البلد بطباع قاطني غرناطة الضائعة، لا مِن حيث المأكل والمَشرب والمَعيشة وطقوس الأفراح والأتراح، ولا مِن ناحية البُعد الجمالي في الحياة الخاصّة بالدُّورِ والمنازِل؛ إلى ما غير ذلك مِن الطِباع والخصال التي أضحت مع الزمن ميزة المُجتمع التطواني الكبير.

وتضم المدينة الأثرية عددا من المواقع التاريخية العريقة التي لا تزال قائمة حتى الآن، شاهدة على امتزاج الحضارة الأندلسية الإسلامية بالطابع المعماري والثقافي المغربي، ونستعرض أهمها فيما يلي:

جامع القصبة

بُني مع نهاية القرن الـ15، وتعود تسميته بجامع القصبة، لوجوده داخل البرج الذي بناه سيدي المنظري، ويضم 3 أبواب جنوبية وشمالية وغربية، وبني على أعمدة تعلوها أقواس مكسورة، وهو مغطى بسقوف خشبية مائلة مغطاة بالقرميد، ويضم صومعة متوسطة الارتفاع تقدر بـ15 مترا مربعة التخطيط.

حصن الاسقالة

يعد حصن الاسقالة معلما سياحيا ضمن المعالم الأثرية بالمدينة، وبني خلال النصف الأول من القرن الـ15، وتحديدا في عام 1831 م، في عهد السلطان مولاي عبدالرحمن، ويوجد فوق باب العقلة أحد أبواب المدينة الرئيسية لحمايتها والدفاع عنها من الأطماع الخارجية، ويحتوي الحصن على حديقة داخلية كبيرة تطل على البحر المتوسط.

ضريح سيدي عبدالقادر التابين

يقع الضريح بالجزء الجنوبي لسور المدينة بالقرب من حدائق مولاي رشيد، ويضم قبر الشريف سيدي عبدالقادر التابين، الذي توفي سنة 1170م، وينسب إليه بناء مدينة تطوان خلال الفترة الموحدية في القرن الـ12 الميلادي، والضريح من الأماكن الروحية السياحية في المغرب.

مدرسة جامع لوكش

بناها القائد عمر لوكش سنة 1758، وتضم مدرسة دينية لطلاب العلم بالمدينة وخاصة بالجامع الكبير، وتتكون من طابقين، الأول يضم 20 غرفة للطلاب.

الجامع الكبير

يعد الجامع الكبير أو الأعظم من أهم المعالم الإسلامية في المدينة، ويرجع للقرن الـ19 الميلادي، في عهد السلطان المولى سليمان عام 1808م، وهو مستطيل الشكل على مساحة 1500 متر مربع، ويتكون من قاعة للصلاة، وصحن كبير مكشوف تتوسطه نافورة، وتحيط بالصحن أروقة، وللجامع 3 أبواب، ومئذنة مزخرفة هي الأعلى بالمدينة، ويمتاز الجامع بزخرفة إسلامية، وأشكال وزخارف هندسية مميزة ومتعددة الألوان.

سور المدينة

يحيط بمدينة تطوان سور تاريخي كبير بني على مراحل عدة بين القرنين الـ15 والـ18 الميلادي، ويقدر طوله بـ5000 متر، وارتفاعه من 5 إلى 7 أمتار، وسمكه 120 سنتيمترا، ويضم أبراج دفاعية محصنة عدة، مثل قصبة جبل درسة في الشمال وأبراج باب العقلة وباب النوادر والبرج الشمالي الشرقي، كما يحتوي السور على 7 أبواب، وتعرض للتخريب والهدم بعد وفاة المولى إسماعيل، وبني مرة أخرى في عهد ابنه عبدالله.

قصبة سيدي المنظري

بُنيت في الزاوية الشمالية الغربية للمدينة في القرن الـ15، واستغرقت 20 عاما في البناء، وتمثل مركز الحكم والسلطة، وللقصبة برج يضم مرقابا لمراقبة المدينة من الخارج، وتضم قلعة يبلغ طول سورها 65 مترا، وارتفاعه 7 أمتار، ويحتوي على برجين مربعي الشكل، إضافة إلى برج صغير متعدد الأضلاع، يربط بين الأبراج ممر حراسة، وبالقصبة مسجد، وحامية للجيش، وإسطبل للخيول، بالإضافة إلى دار للسكن.

سقاية باب العقلة

بمدينة تطوان أكثر من 20 سقاية لتزويد السكان والزائرين بالماء، أجملها سقاية باب العقلة بزخارفها المميزة، التي بناها عمر لوكش في منتصف القرن الـ18.

البيوت التاريخية بتطوان

وتضم المدينة العتيقة العديد من البيوت التاريخية، التي تزخر بتفاصيل معمارية وجمالية رائعة أشبه بطراز غرناطة، وشيدت في القرن الـ19 الميلادي، وأسهمت في تسجيل مدينة تطوان ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني سنة 1998.


شواطئ مدينة تطوان الساحرة 

شاطئ مرتيل

بالرغم من أن تطوان لا تقع على الساحل بالتحديد، إلا أن العديد من الشواطئ تقع على مسافة قصيرة من المدينة، حيث يعد شاطئ مارتيل، الذي يقع على بعد حوالي 10 كيلومترات إلى الغرب من مدينة تطوان، أحد أشهر الشواطئ في المنطقة، ويشتهر برماله الناعمة ومياهه الصافية ووفرة المطاعم والمقاهي المطلة على الشاطئ.

شاطئ كابو نيغرو

يقع الخط الساحلي المعروف بشاطئ كابو نيغرو على بعد حوالي 20 كيلومترا شرق تطوان، ويشتهر هذا الشاطئ بمنحدراته الصخرية ورماله الذهبية ومياهه الصافية. بالإضافة إلى شاطئ المضيق وشاطئ مارينا سمير وشاطئ الفنيدق.

منتجعات تطوان الشاطئي

تتوفر مدينة تطوان على منتجعات شاطئية وتعرف إقبالا كبير للسياح أهمها مارينا سمير هو منتجع شهير يقع على بعد حوالي 30 كيلومتر شرق تطوان، وحتوي هذا المنتجع على شاطئ خاص والعديد من حمامات السباحة والمطاعم والسبا، بالإضافة إلى فندق كابيلا، الذي يقع على بعد حوالي 20 كيلومترا  شرق تطوان، حيث يوفر هذا الفندق إمكانية الوصول المباشر إلى شاطئ كابو نيغرو، بالإضافة إلى مسبح ومنتجع صحي وخيارات متعددة لدى السياح لتناول الطعام.

بالإضافة إلى ذلك، توفر العديد من الفنادق في المنطقة إمكانية الوصول إلى الشاطئ ووسائل الراحة الأخرى.

مشاريع ملكية لإعادة البريق التاريخي والسياحي للحمامة البيضاء

منذ الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لمدينة تطوان من أجل إطلاق مشروع تأهيل المدينة العتيقة سنة 2011، شهدت المدينة تحولا كبيرا بفضل المشاريع الملكية التي ساهمت في تجديد بريقها لتحافظ على سحر وعراقة أصيلة ضاربة في القدم.

وبتعليمات ملكية تم تخصيص 350 مليون درهم ل‘ادة وتأهيل هذه الجوهرة العمرانية في إطار البرنامج التكميلي (2019 – 2023) لإعادة تأهيل وتثمين هذه الجوهرة العمرانية، حيث إرتكز على ثلاثة محاور تتمثل في المحافظة على الرصيد الحضاري والثقافي والعمراني الذي تزخر به المدينة العتيقة، وإدماج المدينة العتيقة داخل النسيج الحضري، واستثمار مكوناتها في إنعاش التنمية المحلية وتقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية.

وكانت من بين أهداف البرنامج تأهيل ورد الاعتبار للنسيج العمراني الأصيل لمدينة تطوان، وإبراز القيمة التاريخية للنسيج الحضري التقليدي، وتحسين ظروف عيش ساكنة المدينة العتيقة، وترميم البنايات ذات القيمة التاريخية وترميم الشبكات التقليدية لتوزيع الماء داخل المدينة العتيقة (السكوندو)، وإصلاح وترميم المرافق الدينية ورد الاعتبار للمرافق الثقافية.

وتوزع برنامج تهيئة وإعادة تأهيل المدينة العتيقة على ستة محاور تشمل الإطار المبني (50 مليون درهم) والبنية التحتية (140 مليون درهم) والمرافق الدينية (5ر26 مليون درهم) والمرافق الاجتماعية والثقافية (72 مليون درهم) وإعادة تنظيم التجارة (5ر22 مليون درهم) والتنشيط والإشعاع السياحي (4 ملايين درهم).

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد