زنقة 20 . الرباط
صادق اليوم مجلس الحكومة على مشروع قانون رقم 89.15 والمتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، والذي تم دسترته مع دستور 2011.
يمكن إبداء ملاحظات بخصوص هذا القانون الذي يأتي في الزمن الميت من عمر الولاية التشريعية الحالية والمتبقي منها أقل من ثلاثة أشهر.
أولا: جدولة مشروع القانون بجانب مشاريع قوانين أخرى في هذا الوقت، سوف يضع ممثلي الأمة امام ضغط زمني، مما سينعكس سلبا على جودة هذا القانون.
ثانيا: استغرق النقاش حول هذه مشروع القانون مدة طويلة، سواء من خلال الحوار الوطني حول أدوار المجتمع المدني بقيادة الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان أو من خلال اللجنة العلمية التي أنشأتها وزارة الشباب والرياضة، مما يسمح بالقول أننا عشنا نوع من هدر الزمن التشريعي لمشروع قانون يحتوي 28 مادة كان ممكن صياغته قبل هذا الزمن بكثير.
ثالثا: يلاحظ من حيث الشكل أن مشروع القانون يضمن الكثير من الإطناب والحشو، حيث نجد مجموعة من الجمل تؤدي نفس المعنى، وأيضا مجموعة من الفقرات يمكن دمجها في فقرة واحدة، وسيما المادة الثانية من مشروع القانون التي تزيد عن صفحة ونصف.
رابعا: قراءة هيكلية للقانون تضعنا أمام مؤسستين وليس مؤسسة واحدة، مؤسسة تعنى بالشباب ومؤسسة أخرى تعنى بالعمل الجمعوي وهما منفصلتين تمام بدون وجود جسر التواصل بينهما، اللهم الجمعية العامة للمجلس الاستشاري للشباب والعمل والجمعوي والتي لا تستطيع أن تجيب عن سؤال التنسيق والتناغم بين هيئة الشباب وهيئة العمل الجمعوي.
خامسا: يتكون المجلس من هيئتين، ومن لجنتين، هيئة للشباب وتضم لجنة الدراسات والتقارير، وهيئة للعمل الجمعوي وتضم لجنة الدراسات والتقارير، أي لجنة واحدة داخل هيئة واحدة داخل مجلس واحد … مما يوحي بنوع من العبث التشريعي.
سادسا: الاختصاصات الموكولة للمجلس كلها تذهب في اتجاه أننا أمام مكتب دراسات وطني وليس مؤسسة حكامة وديمقراطية تشاركية، فجل اختصاصات المجلس إما تقديم دراسات أو إنجاز بحوث أو التفكير في وضع مؤشرات قياس النهوض بالشباب والعمل الجمعوي.
سابعا: بخصوص التركيبة، وهنا مربط الفرس، فالمجلس يتكون حسب المشروع من 24 عضوا بالاضافة للرئيس، 8 أعضاء يعينون من قبل الملك و8 من قبل رئيس الحكومة و8 من قبل البرلمان. بخصوص الحصة المخصصة لرئيس الحكومة، فإنه يعين 6 أعضاء من موظفي الادارات العمومية المعنية، وهو الشيء الذي لا يستقيم مع أسس الحكامة والديمقراطية التشاركية.
فمؤسسات الحكامة أنشأت من أجل إبداء المشورة للحكومة والبرلمان، وبالتالي فأعضاؤها يجب أن يكونوا على مسافة من هاتين المؤسستين حتى لا تؤثر مناصبهم الادارية للاعضاء على القرارات، فلا يمكن أن يكونوا خصما وحكما في نفس الان.
فعضوية 6 أعضاء أي ربع ¼ أعضاء المجلس الاستشاري ممثلي الادارات العمومية، فإنهم يمثلون توجهات ورأي الادارة التي ينتمون إليها، وبالتالي كيف يمكن أن يقدموا للحكومة رأي، هم أصلا ملزمين بتصور الحكومة بخصوص موضوع المشورة.
كما أن هذه عضوية الحكومة في مثل هذه المؤسسات تتنافى وأسس الديمقراطية التشاركية، هذه الاخيرة التي تعتبر قنطرة للمجتمع المدني والفعاليات المدنية والجامعات والمعاهد والمراصد للمساهمة في تدبير الشأن العام.
كما أن المعايير الدولية وسيما من إعلان مبادئ باريس المنشأ بموجب مراكز النهوض بحقوق الانسان وحمايتها، فإن توصي بأن عضوية الحكومة في مثل هذه المؤسسات يجب أن لا تتجاوز صفة الاستشارية لا التقريرية، وأبانت الممارسة الفضلى عدم وجود تمثلية الحكومة أصلا.
ختاما: كما يقول المثل “تمخض جبلا وولد فأرا”، فمشروع القانون الحالي المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي لا يرقى أن يكون مؤسسة حكامة وديمقراطية التشاركية لا من حيث هيكلته وتنظيمه ولا من حيث اختصاصاته.
إن المغرب مقبل على انتخابات تشريعية بالاضافة إلى قوانين تنظيمية هيكلية وقوانين أخرى، فليست هنا حاجة قصوى لهذا القانون حاليا.
إن مجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ليس بأولوية في اللحظة الراهنة، مما يتطلب تأجيل عرض مشروعه إلى ما بعد الولاية التشريعية من أجل المزيد من النقاش والحوار العمومي حوله، وإلا أضعنا فرصة أخرى تتطلب عشرات السنين لتعديلها.