زنقة 20/ طنجة – توفيق سليماني
يوسف زيدان، الكاتب والروائي المصري، يثير الجدل من جديد أثناء تطرقه لشخصية طارق ابن زياد التاريخية والخطبة التي كان ألقاها عندما بلغ السواحل الاسبانية. وكما جرت العادة خاض زيدان في مواضيع أخرى لا تقل جدلية عن قصة طارق ابن زياد، لاسيما إعادة تأكيده أنه لا فرق بين الحكام في المغارب وفي المشرق.
انتصر الكاتب المصري للحكماء على حساب الحكام خلال المحاضرة المفتوحة التي القاها مساء يوم امس السبت تحت عنوان ” الحكم على الحكام والحكماء”، بالمركز الثقافي احمد بوكماخ بطنجة، في اطار معرض الكتاب “مهرجان ثويزا” الذي انطلق يوم أول أمس الخميس 6 يوليوز الى يوم الاحد 9 يوليوز 2023.
زيدان القى محاضرة على الفتح حسب التعبير الصوفي، بحيث انتقل فيها بين مواضيع ومناطق عدة، وأحيانا كان يدخل في تفاصيل معقدة. رغم ذلك استطاع أن يشد إليه انتباه القاعة بسبب جدلية وحساسية المواضيع التي يتطرق اليها، وكذلك الأفكار التي قدمها والتي اختلف معها البعض واتفق معها البعض الآخر انطلاقا من ملاحظات وأسئلة الحاضرين.
قبل التحدث عن موضوع المحاضرة حاول زيدان ضبط المفاهيم الثلاثة. الحكم والحكماء والحكام. “كل من يتول مسؤولية في مؤسسة أو منطقة أو دولة فهو حاكم، بصرف النظر عن اختلاف الدلالات”، يبرز زيدان.
ولتشريح مفهومي الحكام والحكماء، يرى زيدان أن “الحكمة ليست نقيض الجهل. والحكيم هو نقيض الجهول”. ويضيف أن “الجهل هو عدم العلم بالشيء، أما الجهالة فهي أخلاق عنيفة، اي العنف”.
وعرج على الحكم، مبينا أن الحكم يختلف عن المحاكمة. “المحاكمة تقتضي احضار متهم بشيء والدفاع عنه وسرد ذنوبه”، حسب تعبيره. ويذهب أبعد من ذلك قائلا إن الحكم على الشيء فرع لادراكه. كما أن الأحكام القائمة على الادراك تشمل الادراك العقلي والحسي.
زيدان كان ماكرا بالمعنى الايجابي للكلمة عندما حاول وضع قواعد للحكم على الحكام والحكماء انطلاقا من أزمنة غابرة، وشخصية حكمت منذ زمن بعيد مثل صلاح الدين الأيوبي. لم يخض في الزمن الحاضر، ولو أنه اشار اليه في فسحة طرح الأسئلة. لهذا كرر أنه “للحكم على الحكام يجب ان ندركهم، أي أن تكون لدينا معلومات للحكم عليهم”. بعبارة أخرى، للحكم على حاكم اليوم يجب أنتظار نهاية حكمه، وأخذ مسافة زمنية عن الأحداث الآنية.
وكمن يمهد لإلقاء حجرة في بركة مائية مستقرة أو استفزاز الحضور، قال زيدان إن “من مظاهر الخواء الفكري أن يشتبك الناس بمحتوى لا دلالات له”.
وضرب المثل بشخصية طارق بن زياد. يفهم من محاضرة يوسف زيدان أنه يشكك في صدقية الخطبة الشهيرة لطارق بن زياد. ربما يريد يوسف زيدان أن يقول إن الخطبة أسندت الى طارق، وطارق لم ينطق بها، لأنه يفتقد إلى الخطابة والفصاحة والاسلوب العربي البديع المعتق الواضح في الخطبة. يتساءل كيف لأمازيغي أن يتحدث بتلك اللغة العربية الفصيحة.
بل أكثر من ذلك يرى أنه كيف يمكن لقائد من حجم طارق ابن زياد الذي فتح الأندلس أن يأمر بحرق السفن. “من يأمر بحرق السفن ليس قائدا، كيف يمكن قطع طرق الإمداد عن الجنود”، يستغرب زيدان.
“لا نعرف العلامات الحقيقية لتاريخنا وننتظر أن نتقدم. لا، لا أحد يعرف حقيقة البيروني. هل يدرس في المقررات العربية، لا”، يؤكد يوسف زيدان، قبل أن يطالب بإعادة النظر في المفاهيم الكبرى.
يعتقد أنه يجب وضع معيارا ومنهجا جادين للحكم على الشخصيات التاريخية. فمثلا، بخصوص الحاكم يجب النظر إلى المرحلة التي حكم فيها. والحكيم يجب النظر إلى ما قدمه منذ عصره الى اليوم. بهذا الحكم يمكن ان يتطور العرب، وبغير ذلك فنحن نضيع وقتنا سودا”، يخلص يوسف زيدان.
وبما أنه ليس هناك مشروع بديل وجاهز ومتاح آنيا، يقترح زيدان اصلاح وتصحيح التعليم لتغذية النزعة النقدية لدى الأفراد. “الوصفة البديلة الآنية هي تفعيل الثقافة العامة”. هكذا يرى زيدان المشروع البديل.