زنقة 20. الرباط
تمثل عملية مرحبا 2023، التي انطلقت الاثنين الماضي، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، حلقة وصل بين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم الأم، ومحفزا حقيقيا للنشاط السياحي بالمغرب.
وإذا كانت هذه العملية الإنسانية تمكن مغاربة العالم من العودة إلى المملكة في ظروف مثلى خلال الفصل الصيفي، فإنه لم يعد هناك داع للشك في عائداتها على الاقتصاد الوطني، ولاسيما على القطاع السياحي.
ويستقبل المغرب كل سنة أزيد من ثلاثة ملايين مهاجر من جاليته المتواجدة في كل أنحاء العالم، والذين باتت بالنسبة إليهم العودة إلى وطنهم الأم عادة راسخة، وطريقة خاصة للإسهام في التنمية السوسيو اقتصادية للبلاد.
ويعتبر هذا التدفق المتزايد “للمسافرين المواطنين” عاملا محركا للاقتصاد المحلي خلال فترة الصيف، وعلاوة على أنه يضفي بهجة خاصة على الحياة اليومية بالمغرب، فإنه يساهم في انتعاش مؤسسات الإيواء السياحية والمطاعم والأنشطة الترفيهية.
وبهذا، أضحى المغرب وجهة تحظى بالأولوية بالنسبة للمغاربة، سواء المقيمين المحليين أو المهاجرين، الذين أصبحوا يقبلون على ما يسمى بـ “العطلة بالبلاد”، وذلك من أجل اكتشاف هذه الوجهة التي لم تكشف بعد عن كل أسرارها، خصوصا بالنسبة للفئة الشابة منهم.
ويبقى المغرب، بفضل بنياته التحتية العصرية، من بين أفضل الوجهات السياحية، التي تزخر بمؤهلات ومميزات مختلفة في مكان واحد، حيث يمثل جوهرة جغرافية حقيقية، بالنظر إلى مناظره وأجوائه ومعالمه، التي تستقطب سنويا أكثر من 10 ملايين زائر.
وبعد سنتين من الاستئناف المضطرب، تمكن قطاع السياحة الوطني من تحقيق انتعاشة حقيقية قطعت بشكل نهائي مع محنة الأزمة الصحية، وهو ما كشفت عنه الوزارة الوصية، التي أكدت أن 2023 ستكون “سنة القطيعة” بالنسبة للسياحة المغربية.
وأشارت، في بلاغ لها، أن القطاع السياحي حقق “ازدهارا ملحوظا” خلال بداية السنة الجارية، بعد تسجيل 5,1 مليون سائح نهاية مايو 2023، أي بنسبة نمو بلغت 20 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2019، مذكرة بأن 2019 تعتبر، إلى يومنا هذا، السنة المرجعية للقطاع.
ويمكن القول أن السياحة الوطنية تستعد لتأخذ منعطفا حاسما في تاريخها، إذ لن تخضع من الآن فصاعدا إلى وتيرة الفصول، كما أن السياح المحليين إلى جانب المغاربة المقيمين بالخارج، أضحوا ينافسون بقوة السياح الأجانب، الذين ما فتئت تدفقاتهم تتزايد بشكل متواصل.
ويعزى نجاح وجهة المغرب للتعبئة التي انخرط فيها الفاعلون في القطاع وكذا صمود النموذج المغربي. وهي جهود جبارة توجت بملحمة أسود الأطلس بمونديال قطر 2022، التي فتحت باب العالمية في وجه المغرب وعززت مكانته وإشعاعه.
وفي الوقت الذي يرتقب فيه أن يكون صيف 2023 استثنائيا على مستوى عدد السياح الأجانب الوافدين، فإن هذا الأمر يظل رهينا أيضا بحجم تدفقات المغاربة المقيمين بالخارج. ولهذا، يراهن المغرب بشكل كبير على نجاعة عملية مرحبا، التي تعتبر بمثابة جسر متين بين المغرب وأوروبا.
وكما جرت العادة، فإن عملية مرحبا، التي رأت انطلاقتها سنة 2001، تكريسا للرعاية السامية التي يحيط بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس المغاربة المقيمين بالخارج، قد عبأت، تحت إشراف صندوق محمد الخامس للتضامن، أزيد من ألف مساعد للحرص على راحة العائلات المغربية المقيمة بالخارج.
ومع تواصل هذه العملية على صعيد المغرب وعلى الصعيد العالمي في آن واحد، ولاسيما في كل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، فإن هذه العملية المتميزة تكرس روح تضامن المغرب اتجاه مواطنيه المقيمين بالخارج.
وفي المغرب، تستعد مختلف الجهات المعنية بما فيها السلطات الوزارية، والأمنية، والحدودية، وسلطات المطارات إلى جانب القطاع الخاص والمجتمع المدني بدعم من فرق المتطوعين لخدمة المسافرين الذين يحظون بمساعدتهم وتوجيههم على مستوى النقاط البحرية، والحدودية، والجوية، وباحات الاستراحة.
وفي غضون ثلاثة أشهر، أي خلال الفترة الممتدة بين 05 يونيو و15 شتنبر من كل سنة، يواكب هؤلاء الفاعلون الحاملين لشارات صفراء وسترات مختومة بالرمز المميز للمؤسسة، ما يزيد عن ثلاثة ملايين فرد من الجالية المغربية من مختلف أرجاء العالم.
وتعتبر هذه العملية الإنسانية الفريدة من نوعها، مهمة للحرص على تواجد كافة المكونات التي تضمن السلاسة، والأمن والسلامة وكذا تدابير المواكبة والقرب وإجراءات التواصل فضلا عن التدابير الوقائية والاحترازية.
ويبدو أن الآليات والتدابير التي تمت تعبئتها من أجل عملية مرحبا لهذه السنة تظل غير مسبوقة، بالنظر إلى تزامن عيد الأضحى مع العطلة الصيفية وتطور العرض السياحي المغربي، مما يبشر بتوافد عدد قياسي من المغاربة المقيمين بالخارج ومن السياح الأجانب.
وللاستجابة الفعالة لهذا الطلب الذي يتوقع أن يكون استثنائيا، تم تعزيز الأسطول البحري على مستوى ميناء طنجة المتوسط من أجل التمكن من نقل 40.000 مسافر، وعبور 10.000 مركبة يوميا.
وبالنسبة لهذا الموقع، الذي يربط المغرب بأوروبا، فقد تم تخصيص نحو 80 مليون درهم لتحسين البنيات التحتية المينائية والخدمات المقدمة للمسافرين.
وويهم برنامج عملية مرحبا 2023 حوالي 24 موقعا وطنيا وعالميا لمساعدة ومواكبة أفراد الجالية المغربية على مستوى المغرب وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وفي المغرب، تم تفعيل 18 فضاء لاستقبال مغاربة العالم، ويتعلق الأمر بفضاءات في كل من طنجة، الحسيمة، الناظور، الدار البيضاء، الرباط، سلا، وجدة، أكادير، مراكش، في باحات الاستراحة المتواجدة على طول البحر الأبيض المتوسط، الجبهة، تزغين، سمير المضيق، بالإضافة إلى معابر باب سبتة وباب مليلية.
وقامت عملية “مرحبا” بتهيئة 6 فضاءات على مستوى الموانئ الأوروبية بجنوة (إيطاليا)، وسيت ومارسيليا (فرنسا)، وموتريل، وألميريا والجزية الخضراء (إسبانيا)، كما عززت حضورها على متن السفن التي تقطع المسافات الطويلة لتوفير المواكبة عند الانطلاق وعند الوصول.
وارتفع عدد المشتغلين بدوره هذه السنة من خلال تعبئة 1.400 من أطر المؤسسة والمرشدات الاجتماعيات، والأطباء، والأطر شبه الطبية والمتطوعين.
وخلال سنة 2022، استقبل المغرب ما لا يقل عن 3.080.984 مغربيا مقيما بالخارج، مسجلا بذلك ارتفاعا نسبته 198 في المائة مقارنة بالفصل الصيفي للسنة الماضية، نظرا للتحكم في الوضعية الصحية بالمغرب. وهمت هذه العملية 1.608.009 مغربيا وصلوا عبر الطريق البحرية، و 1.472.975 عبر الطريق الجوية.