زنقة 20 ا أصيلة
قال السفير المدير العام للعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فؤاد يزوغ، إن “التحديات الأمنية التي تواجه قارتنا اليوم هي تحديات تبقى في مجملها غير مسبوقة، ولا مرتقبة وتتسارع وتيرتها وتتعاظم تعقيداتها بكثافة، مشيرا إلى أن “قرابة نصف ضحايا الإرهاب في العالم سقطوا في إفريقيا، لاسيما وأن التنظيمات الارهابية صارت تتمدد وتفرض سيطرتها بشكل متزايد ومستمر في مساحات ومناطق جغرافية على امتداد القارة”.
وأضاف فؤاد يزوغ، يوم أمس، خلال كلمته بندوة “الحركات الانفصالية والمنظمات الإقليمية في أفريقيا” في إطار الدورة 43 لموسم أصيلة الثقافي، نيابة عن وزير الخارجية ناصر بوريطة، أن “الاهتمام الذي توليه هذه الطبعة من “موسم أصيلة” للحركات الانفصالية وللمنظمات الإقليمية في إفريقيا، دليل على الأهمية المتجددة لهذا المنتدى، وعلى يقظة القائمين عليه فإفريقيا هي المنطقة الأكثر تأثرا بالأزمات والنزاعات والحروب”.
وأوضح يزوغ أن” إفريقيا هي القارة الأكثر تضررا من تداعيات التغيرات المناخية، وما أفرزته من تهديدات للأمن الغذائي وما رافقها من تحولات ديموغرافية بفعل النزوح والهجرة القسريتين، فأزمة الغذاء على سبيل المثال أثرت على حيوات أزيد من 300 مليون مواطن إفريقي، وتواجه إفريقيا أيضا آفة تهريب السلاح والمخدرات؛ حيث أصبحت القارة مفترق طرق رئيسي لتهريب المخدرات، وجرى إغراقها بملايين من قطع السلاح التي يجري استعمالها بشكل غير قانوني وبدون ترخيص؛ هذه النشاطات الإجرامية، التي تدر على أصحابها من تجار المآسي والحروب أرباحا طائلة، تقوض سيادة وأمن واستقرار دول وتدمر شعوبا بأكملها”.
وأكد يزوغ، أن هذه الآفات تفاقمت بسبب حدود مخترقة ومنظومات أمنية ضعيفة وهشة، زادت الوضعية تعقيدا؛ علاوة على ذلك، فإن غياب الحكم الرشيد والمؤسسات القوية ولد حالة من عدم الاستقرار، السياسي والاجتماعي، وأصيبت العملية الديموقراطية بهشاشة مزمنة أعلنت عن نفسها في بلاغات الانقلابات العسكرية المتتالية؛ ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فّإن هذه التحديات الكبيرة التي تواجه افريقيا، زادتها جائحة كورونا تعقيدا وصعوبة، بسبب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي سببتها الجائحة في إفريقيا”.
واعتبر المتحدث ذاته، أن “القارة الإفريقية هي ضحية لندرة الموارد ووفرتها في نفس الآن، هي علاقة غامضة بين نقيضين قُدّر لهذه القارة أن تحتضنهما معا، وهنا يكمن سبب شقائها وأصل معاناتها؛ فساكنة القارة الافريقية هي الأصغر في العالم، وهذه نعمة قطعا، ولكن في نفس الوقت يفتقد هذا الشباب لأي أفق، ما يجعله فريسة سهلة للوقوع في شراك الدعايات الارهابية والانفصالية”.
وشدد السفير المدير العام للعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن وجود الجماعات الإنفصالية عامل مباشر لنشوب الحروب الأهلية والتطاحنات العرقية و الاثنية، و تمزيق النسيج الاجتماعي و الثقافي وتقويض أسس واستقرار الدول؛ وقد سبق وأن أكدنا بمراكش في ماي 2022، خلال انعقاد المؤتمر الوزاري السابع للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الذي نظم بشكل مشترك بين وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة ونظيره الأمريكي، والذي ضم قرابة 80 دولة، على أن: “انتشار الحركات الانفصالية في إفريقيا يزعزع الاستقرار ويساهم في المزيد من إضعاف الدول الإفريقية. وهو ما يخدم في نهاية المطاف داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية والمتطرفة العنيفة”.
وتابع يزوغ “على هذا الأساس، فإن الفكر الانفصالي لا يتسبب في نشوب حروب اهلية وحسب، بل تعداه إلى تغذية التطرف والارهاب، فالحركات الانفصالية والحركات الارهابية تلتقيان في أكثر من موقع، وأبرز نقاط التلاقي هي: تقويض سيادة وأسس الدول، بالإضافة الى ذلك التماهي في طرق جلب ووفرة التمويل وتناسخ التكتيكات العملياتية”.
وقال يوزغ أنه “ليس من باب المصادفة وجود كل أوجه الشبه هذه، بين الحركات الانفصالية والحركات الارهابية، بل إن نقاط التلاقي بلغت حد تجانس هذه التنظيمات وذوبان الخلايا والمجموعات من الجانبين في بعضها البعض، بل وحتى اساليب التعبئة والتجنيد هي واحدة: استغلال تشققات البنية الاجتماعية والثقافية ومظاهر الضعف والهشاشة لاسيما في أوساط الشباب، فإن لم يكن هناك تحالف بين هذين الفكرين فهناك على الأقل تلاقي موضوعي إن لم يكن تواطؤا ذاتيا”.