زنقة 20 . باتفاق مع ‘دويتشه فيله’
تحولت عدة صفحات الفايسبوك بالمغرب إلى وسيلة للضغط على المؤسسات الأمنية في تعقب المجرمين، فأصبحت بمثابة صلة وصل بين ضحايا الإجرام ومصالح الشرطة.
لكن ضرورة احترام البيانات الشخصية للمشتبه فيهم يطرح العديد من الإشكاليات. عبدالرحيم ليوبي، شاب مغربي، 29 سنة، أحدث قبل خمس سنوات، حسابا على الفيسبوك، أطلق عليه “سلاويين مائة بالمائة”.
اختار عبدالرحيم إسما لهذه الصفحة نسبة إلى مدينة سلا التي يتحدر منها شمال العاصمة الرباط. ويفتخر عبدالرحيم في لقاء مع دوتش فيليه بحسابه هذا الذي أصبح وسيلة لمطاردة المجرمين بمدينة سلا، من خلال نشره لأخبار موثقة بصور وفيديوهات لضحايا الجريمة.
ويقول عبدالرحيم إن مباردته انطلقت في 24 أكتوبر من سنة 2010، عندما قام بتأسيس الحساب لأهداف خيرية في البداية. لكن بعد مرور ثلاث سنوات، خرج عبد الرحيم مرة، رفقة أصدقائه إلى الشارع العام لجمع توقيعات من الشباب المتضرر من غياب الأمن في الأحياء الفقيرة، ولمطالبة المسؤولين بضرورة توفير الأمن.
وبينما كان المشرف على الصفحة يود إرسال العريضة الموقعة إلى وزارة العدل والحريات وإلى ولاية أمن الرباط، استجابت مصالح الشرطة بسلا لمطلب أصحاب المبادرة، حيث قامت بحملات أمنية على مدى سبعة أيام. ويقول عبدالرحيم إن الحملات الأمنية شملت أحياء شعبية فقيرة، تنتشر فيها الجرائم، ومكنت مبادرته من إيقاف العشرات من المشتبه فيهم.
ويحكي الشاب ذاته أن الحساب أحدث نقاشا قويا وسط سكان سلا، من خلال إبداء الرأي في طرق محاربة الجريمة وضرورة التبليغ عنها.
ويفتخر المتحدث ذاته بوصول عدد المعجبين بصفحته إلى 105 آلاف شخصا، باتوا يشكلون، بحسب رأيه، قوة ضغط على المصالح الأمنية لتعقب المجرمين.
مساهمة الفيبسوك في الأوضاع الأمنية
أحدث حساب الفيسبوك الذي أسسه عبدالرحيم، ردود أفعال كثيرة من خلال نشر الناس لفيديوهات وصور تظهر آثار الاعتداءات على ضحايا مدينة سلا.
ولازال الشاب يتذكر طلب مسؤول أمني رفيع المستوى بالمدينة، للقائه والحديث معه حول ما ينشر على الحساب.
كان صاحب الصفحة سعيدا حينما عبر له المسؤول الأمني عن استعداده للتعاون معه “المسؤول وزع رقم هاتفه المباشر على المشرفين على الصفحة من أجل التبليغ عن الجرائم” كما يقول عبدالرحيم.
لكن المسؤول الأمني عبر خلال نقاشه مع المشرفين على الحساب عن تخوفه من أن بعض أخبار الجرائم المنشورة على الحساب قد تبقى غير مؤكدة.
ويرى محمد أكضيض، وهو خبير أمني مغربي وعميد شرطة متقاعد، أن حسابات الفيسبوك باتت تحرك الأجهزة الأمنية في التعاطي مع أخبار الجرائم التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويشدد الخبير على أن المديرية العامة للأمن بالمغرب، أصبحت تتوفر على خلايا إعلامية لمراقبة ما ينشر على صفحات العالم الافتراضي، قصد التدخل والترشيد في مواجهة الجرمية.
الخبير أكضيض يعتقد أن الكثير في الفيديوهات أو الصور التي تنشر على حسابات الفيسبوك تكون بدون مصداقية، غير أن الكثير من الأبحاث الجنائية التي يقوم بها الأمن مباشرة فور نشر صور الاعتداءات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تكشف عن حقائق أخرى.
من جهته، يرى صاحب مبادرة “سلاويين مائة بالمائة” أن العديد من ضحايا الاعتداءات يراسلون الصفحة من أجل إثارة الانتباه لمشاكلهم مع الجريمة في الأحياء التي يقطنونها.
ويضيف المشرف على الصفحة أن أخبار الجريمة يتم تعزيزها بصور وفيديوهات حقيقية، من أجل الضغط على المسؤولين في تعقب المجرمين.
جدل حول مدى احترام البيانات الشخصية
في الوقت الذي يمكن فيه لحسابات الفيسبوك تقديم مساعدات للأجهزة الأمنية المغربية في ملاحقة المجرمين، هناك إشكالات قانونية بشأن احترام البيانات الشخصية للموقوفين المشتبه فيهم.
وترى فاطمة بودومة وهي محامية وخبيرة حقوقية أن صفحات الفيسبوك أو المواقع الإخبارية وحتى الجرائد الورقية تمس بشخص المشتبه فيهم من خلال نشر صورهم.
وتضيف بودومة أن احترام قرينة براءة المتهمين التي تنشر صورهم على حسابات الفايسبوك تبقى هي الأصل.
مشيرة إلى أن مصالح الشرطة بالمغرب ألقت القبض على العديد من المشتبه فيهم، بعد ادعاءات انتشرت عبر العالم الافتراضي بأنهم ارتكبوا جرائم، غير أنه تبين من خلال الأبحاث الجنائية ، أن لا علاقة للموقوفين بالاتهامات المنسوبة إليهم.
من جهته، يؤكد أكضيض أن بعض الفيديوهات أو الصور التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي تبقى “مفبركة”.
ويعتقد المتحدث ذاته أن العديد من الشباب المغربي بات يعتمد على وسائل تكنولوجية متطورة لصنع فيديوهات غير واقعية، من أجل الضغط على الأمن لتصفية حسابات أو قضاء مآرب شخصية.
ويرى الخبير الأمني أنه بات من الضروري على الحكومة المغربية، سن قوانين جديدة تتوافق مع الإعلام الرقمي ، ومضيفا أن بعض الأخبار التي يتم نشرها على “الفايسبوك” قد تتسبب في مآسي للأشخاص.
الفيسبوك يحررك الأجهزة الأمنية ويتذكر عبدالرحيم نشره لفيديو على موقع صفحته، في 20 دجنبر الماضي ، حيث ظهرت فيه اعتداءات على محل تجاري بحي شعبي بسلا.
وفور نشر الفيديو، أسرعت مصالح الشرطة بسلا، وأوقفت المشتبه في الاعتداء على مالك محل المأكولات. كما يحكي الشاب أن الصفحة باتت صلة وصل بين ضحايا الإجرام والرأي العام من أجل تعقب المجرمين.. وبالموازاة مع نشر الفيديو، سارعت خلية الإعلام التابعة للمديرية العامة للأمن المغربي، بإصدار بلاغ رسمي، نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية، تؤكد فيه وقف المشتبه فيهم، الذين ظهروا في الفيديو، وإحالتهم على النيابة العامة المختصة.
وفي سياق متصل، يشدد الخبير الأمني أكضيض على أن الخلية الإعلامية الأمنية بالمقر المركزي لمديرية الأمن بالرباط، باتت ترد باستمرار على الأخبار والفيديوهات التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء من خلال تأكيد الخبر أو نفيه.
ولذلك تعتبر هذه المبادرة في رأي الخبير أكضيض مبادرة ناجحة من أجل محاربة الجريمة.