يوم دق الملك ناقوس خطر فيضانات الدارالبيضاء و دعا المسؤولين إلى تشخيص الداء !

زنقة 20 | الرباط

في الوقت الذي يتقاذف فيه عمدة مدينة الدارالبيضاء مسؤولية غرق المدينة مع شركة ليديك المكلفة بالتطهير وتوزيع الماء و الكهرباء ، تسود حالة سخط عارمة وسط ساكنة الدارالبيضاء المتضررة من الفيضانات ، و التي طالبت برحيل و محاسبة المسؤولين المحليين.

الملك محمد السادس الذي يعشق الدارالبيضاء ، كان قد نبه مراراً إلى الخطر الداهم الذي يهدد المدينة بفعل التساقطات المطرية ، وهو ما جعله يطلق في سنة 2014 مشروع إنجاز قناة واد بوسكورة التي تصرف الآن كميات هائلة من مياه الأمطار التي كانت ستغرق المدينة و تعيد شبح فيضانات 2010 التي أوقعت عدة ضحايا.

الملك و قبل ذلك بعام أي سنة 2013 ، و في خطابه الموجه إلى البرلمان ، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة ، نبه المسؤولين إلى التفاوتات الخطيرة بالدارالبيضاء و الأخطار المحدقة بها فيما يخص البنية التحتية.

و يقول الملك في خطابه سنة 2013 : ” إذا كانت كثير من الجماعات الترابية، تتمتع بنوع من التسيير المعقول، فإن هناك، مع الأسف، بعض الجماعات تعاني اختلالات في التدبير، من قبل هيآتها المنتخبة.وهنا أستحضر المشاكل التي تعيشها بعض المدن كالدار البيضاء مثلا، التي أعرفها جيدا، وتربطني بأهلها مشاعر عاطفية من المحبة والوفاء، التي أكنها لجميع المغاربة”.

و يضيف : “فقد خصصت لها أولى زياراتي سنة 1999، مباشرة بعد جلوسي على عرش أسلافي المنعمين، بل ومنها أطلقت المفهوم الجديد للسلطة. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحرص على القيام بجولات تفقدية لمختلف أحيائها للوقوف على أوضاعها. كما أتابع مختلف البرامج والمشاريع الهادفة لتجاوز الاختلالات التي تعيشها. واعتبارا لمكانة الدار البيضاء كقاطرة للتنمية الاقتصادية، فإن هناك إرادة قوية لجعلها قطبا ماليا دوليا. إلا أن تحقيق هذا المشروع الكبير لا يتم بمجرد اتخاذ قرار، أو بإنشاء بنايات ضخمة وفق أرقى التصاميم المعمارية. بل إن تحويل الدار البيضاء إلى قطب مالي دولي يتطلب، أولا وقبل كل شيء، توفير البنيات التحتية والخدماتية بمواصفات عالمية، وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، وإيجاد إطار قانوني ملائم وتكوين موارد بشرية ذات مؤهلات عالية واعتماد التقنيات وطرق التدبير الحديثة”.

الملك ذكر أن ” الدار البيضاء لا تجتمع فيها مع الأسف كل هذه المؤهلات رغم المجهودات الكبيرة على مستوى التجهيز والاستثمار، وخاصة ما يتعلق منها بالتأهيل الحضري” ، متسائلا : ” لكن لماذا لا تعرف هذه المدينة، التي هي من أغنى مدن المغرب، التقدم الملموس الذي يتطلع إليه البيضاويون والبيضاويات على غرار العديد من المدن الأخرى ؟وهل يعقل أن تظل فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي ؟”.

الملك يضيف في الخطاب : ” الدار البيضاء هي مدينة التفاوتات الاجتماعية الصارخة، حيث تتعايش الفئات الغنية مع الطبقات الفقيرة. وهي مدينة الأبراج العالية وأحياء الصفيح. وهي مركز المال والأعمال والبؤس والبطالة وغيرها، فضلا عن النفايات والأوساخ التي تلوث بياضها وتشوه سمعتها. وأما الأسباب فهي عديدة ومتداخلة .. فإضافة إلى ضعف نجاعة تدخلات بعض المصالح الإقليمية والجهوية لمختلف القطاعات الوزارية، فإن من أهم الأسباب، أسلوب التدبير المعتمد من قبل المجالس المنتخبة، التي تعاقبت على تسييرها والصراعات العقيمة بين مكوناتها، وكثرة مهام أعضائها، وازدواج المسؤوليات رغم وجود بعض المنتخبين الذين يتمتعون بالكفاءة والإرادة الحسنة والغيرة على مدينتهم. وبكلمة واحدة فالمشكل الذي تعاني منه العاصمة الاقتصادية يتعلق بالأساس بضعف الحكامة”.

و اعتبر الملك أنه ” رغم أن ميزانية المجلس الجماعي للدار البيضاء تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف تلك التي تتوفر عليها فاس أو مراكش مثلا، فإن المنجزات المحققة بهاتين المدينتين في مجال توفير وجودة الخدمات الأساسية تتجاوز بكثير ما تم إنجازه بالدار البيضاء.”

“وخير مثال على ذلك، ما يعرفه مجال التطهير من خصاص كبير، بحيث تظل المنجزات محدودة وأقل بكثير من حاجيات السكان، مقارنة بما تم تحقيقه بالرباط وفاس ومراكش ومدن أخرى.وهو ما تعكسه، على الخصوص، نسبة تصفية المياه المستعملة، التي تبقى ضعيفة جدا، إذ لا تتجاوز 45 بالمائة بالدار البيضاء، في الوقت الذي تم الإعلان عن التطهير الكامل لمدينة الرباط، بنسبة بلغت 100 بالمائة، سواء في الربط بقنوات الصرف الصحي، أو في مجال تصفية المياه المستعملة. كما تصل النسبة في هذا المجال إلى 100 بالمائة، بكل من فاس ومراكش” يقول الملك في خطابه.

و خلص إلى أن ” هذا الوضع المعقد يتطلب تشخيصا عاجلا، يحدد أسباب الداء، وسبل الدواء. ذلك أن تقدم المدن لا يقاس فقط بعلو أبراجها، وفساحة شوارعها، وإنما يكمن بالأساس، في توفير بنيتها التحتية، ومرافقها العمومية، وجودة نمط العيش بها”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد