زنقة 20 . الرباط
أعلنَ المصطفى المريزق، رئيس المنتدى الوطني للمدينة، عن تحويل المنتدى إلى “دار علوم المدينة” La Maison des Sciences de la Ville”، والتي ستعمل وفق الإمكانيات التي ستتوفر لها في متابعة مجمل هذه التوصيات من خلال التكوين والبحث ليس فقط لبناء الخبرة الوطنية تكون في خدمة المجتمع المدني والفاعل السياسي في هذا المجال، ولكن أيضا للترافع حول هذه القضايا من أجل مجتمع حداثي ديموقراطي ومدينة مواطنة.
وعلى مدى ثلاثة أيام إحتضنت العاصمة الإسماعيلية، مكناس، المؤتمر الدولي الثالث للمنتدى الوطني للمدينة تحت شعار “المدينة : من التدبير التمثيلي الى الحكامة التشاركية”، حيث تمت دراسة وتحليل إشكالية الانتقال الحضري ومسألة الحكامة الحضرية من خلال الوضعية التي تعيشها المدينة على اعتبار أنها كيان ترابي يتسم بالتنوع والاختلاف والتعقد ويرتكز على الاختلاط ، ذلك أنه ليس كل ساكن المدينة بحضري.
المشاركون في المؤتمر الدولي الثالث للمنتدى الوطني للمدينة، أشاروا إلى أن المدينة توجد في قلب التغير الذي يعرقه المجتمع المغربي مثل سائر المجتمعات؛ إذ أن الانتقال الحضري (حوالي 60 % من مجموع ساكنة المغرب حسب الإحصاء الأخير يعيشون في المدن) يتقاطع مع كل من الانتقال الديموغرافي (خلال الفترة 2004-2014 بلغ معدل النمو الديموغرافي السنوي 0,42 % مقابل 0,49 %خلال الفترة 1994-2004) والانتقال السياسي الذي انطلق مع دستور 1996.
وأشاروا إلى أن تحقيق مشروع المجتمع الحداثي الديموقراطي رهين بإنجاح هذه الانتقالات الثلاث، وأنه دون مدينة مستدامة دامجة وآمنة وصديقة للكل … لا يمكن تحقيق تنمية بشرية؛ ذلك أن انتشار ظاهرة التمدن من خلال تمدن الأرياف، جعل المدينة مستقبل البشرية بماهي ضامنة للجيل الجديد من الحقوق وعلى رأسه الديموقراطية التشاركية والتي تفترض حكامة تشاركية للمدينة من أجل ضمان الحق في المدينة والحقوق داخل المدينة.
وأجمعت المداخلات والنقاشات التي عرفتها فعاليات المؤتمر الدولي الثالث إلى ضرورة الاسراع بوضع قوانين تنتصر للحق في المشاركة التي نص عليها الدستور المغربي الجديد معتبرين أنه يجب الانتقال من الحديث عن الحاجيات إلى الانتقال إلى المطالبة بالحقوق وربطها في إطار المواطنة النشيطة والفاعلة بالواجبات؛ إذ أبانت التجارب والممارسات الأجنبية التي تم عرضها أن نهاية الدولة الراعية يتطلب الانتقال من “ماذا يحتاجه الإنسان؟” إلى “ماذا يمكن للإنسان أن يفعل؟” وذلك وفق المسؤولية المواطنة للشخص.
واوضح المشاركون إلى أن مسألة الحكامة التشاركية لا يجب أن تطرح كألية للحد من العزوف السياسي، بل كوسيلة للتوافق بين النظام السياسي (الشرعية التمثيلية) والنظام الإداري (الكفاءة الإدارية) في تكامل مع المجتمع المدني؛ ذلك أن جودة المشاركة تقوم على جودة وأهلية المشاركين من خلال مبادرات مدنية متوافق حولها. ولهذا نبه المشاركون إلى أهمية التربية و التنشئة الاجتماعية و السياسية والعمل التحسيسي الدائم و المستمر.
كما نبه المشاركون إلى أن مدينة الحقوق هي فضاء دامج للجميع؛ حيث تعتبر الهجرة ثراء وانفتاحا للمدينة على المهاجرين لما لهم من مؤهلات وطاقات يمكن للمدينة استثمارها سواء هاجروا منها أو إليها (حالة مغاربة العالم والأجانب المقيمين بالمغرب). والمدينة كمستوطنة بشرية ملزمة بالدمج والانفتاح حتى تكون مدينة حية تحترم قيم العيش المشترك بما تضمنه لساكنتها على اختلاف فئاتهم العمرية والجنسية والاجتماعية … من حقوق للبقاء والنماء والتفتح بعيدا عن كل إقصاء أو كراهية سواء بالنظر للجنس أو العقيدة أو اللون أو غير ذلك.