زنقة 20 | أ ف ب
يدخل السباق نحو استضافة كأس العالم في كرة القدم 2026 مرحلته الحاسمة، مع تصويت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي (فيفا)، يوم غد الاربعاء، على الاختيار ما بين الملف المغربي من جهة، والملف المشترك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وبعد مصادقة لجنة التقييم التابعة للفيفا في الأول من يونيو على الملفين، يدخل 207 أعضاء في الاتحاد (كامل أعضائه الـ 211 ما عدا الدول الأربعة المرشحة) في عملية تصويت عشية انطلاق مونديال روسيا 2018.
وسيكون الأعضاء أمام خيار بين ملف مغربي طموح يسعى الى إقامة مونديال في القارة السمراء للمرة الثانية بعد جنوب افريقيا 2010 معولا على دعم قاري و”جغرافي”، وملف للقارة الأميركية يستند الى بنية تحتية جاهزة وخبرة في تنظيم الأحداث الكبرى.
وصب تقرير لجنة التقييم لصالح الملف المشترك، اذ نال علامة 4,0 من أصل 5، في مقابل 2,7 من 5 لمصلحة ملف المغرب الساعي للمرة الخامسة الى استضافة المونديال، علما ان نسخة 2026 ستشهد مشاركة 48 منتخبا بدلا من 32 حاليا.
ومنحت لجنة التقييم ملف المغرب الضوء الأخضر لمواصلة السباق، على رغم شوائب أبرزتها في تقريرها، منها “مخاطر مرتفعة” في بعض المجالات لا سيما الملاعب التي يحتاج معظمها الى بناء من الصفر، والاقامة والنقل.
في المقابل، يبدو الملف الثلاثي عرضة لتأثير رياح سياسية لاسيما الدعم الذي وفره الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصولا الى حد تلويحه بمعاقبة الدول التي لا تصوت لهذا الملف الذي يعرف باسم “يونايتد 2026”.
والاثنين، كرر مسؤول الملف رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم كارلوس كورديرو الدعوة الى فصل السياسة عن الملف. وقال من العاصمة الروسية: “نؤمن بقوة ان هذا القرار سيتخذ على أساس الاستحقاق.
الأمر لا يتعلق بالأمور الجيوسياسية، نحن نتحدث عن كرة القدم وما هو في العمق، في نهاية المطاف، الأفضل لصالح كرة القدم ومجتمع كرة القدم”.
وكانت الولايات المتحدة التي سبق لها استضافة المونديال عام 1994، قد خسرت لمصلحة قطر في السباق لاستضافة مونديال 2022، والذي شابته اتهامات واسعة بالفساد والرشى.
أما المغرب، ففشل 4 مرات في تحقيق حلم استضافة العرس العالمي (1994 و1998 و2006 و2010)، ويعول في ملفه على الافادة من القرب الجغرافي من القارة الأوروبية.
وفي حين تشير التقارير الى ان رئيس الفيفا السويسري جياني انفانتينو يميل بشكل كبير الى تفضيل الملف المشترك، لم يخف رئيس الاتحاد الافريقي أحمد أحمد دعمه للملف المغربي وطلبه من مختلف دول القارة دعمه. رغم ذلك، يتوقع ان يثير الترشيح انقساما بين الدول الافريقية لا سيما منها الناطقة بالانكليزية، مثل ليبيريا وجنوب افريقيا اللتين أعلنتا دعم الملف الثلاثي.
وتشير التقارير الى ان تفضيل انفانتينو للملف الثلاثي نابع من اقتناعه بنوعية المنشآت والملاعب التي يطرحها الملف المشترك، اضافة الى اعتباره ان تنظيم مونديال يشارك فيه 48 منتخبا يحتاج الى “دول كبيرة لم يسبق لها أن نظمت المونديال، على غرار الصين او الهند أو الى اتحادات من عدة دول” إذ من أجل “تغطية النفقات يجب أن يكون عدد الدول كبيرا”.
وفي ماي الماضي، وعد مسؤولون عن ملف الترشيح المشترك بتحقيق أرباح قياسية تتخطى 10 مليارات دولار، في ما بدا انها محاولة لجذب الدول الأعضاء للاقتراع لمصلحتهم.
في المقابل، أبدى رئيس لجنة الترشيح المغربية مولاي حفيظ العلمي في تصريحات سابقة لوكالة “فرانس برس”، ثقته بقدرة بلاده على التنظيم.
وقال ردا على سؤال عن عدد الأصوات التي يتوقع نيلها: “أعرف ذلك الا انني لن أقوله. نعول على الجميع، على كل البلدان، لدينا تكتلات تربطنا بها علاقات أكثر تمايزا من الآخرين، وأشير الى ان الدعم الذي لقيه الملف المغربي كان أكبر مما نتوقع. لن أقول شيئا، لكل أسراره”.
وأضاف: “اليوم نحن على خط الانطلاق، على السكة، وما قدم نوعي. أنا واثق جدا، اعتقد ان المسؤولين في الفيفا محترفون والتقوا مع أشخاص هم أيضا من المحترفين الذين أداروا ملف الترشيح هذا بعناية كبيرة”، مؤكدا ان “الملف المغربي جدي جدا”.
ويعتزم المغرب الاستضافة على 12 ملعبا (من أصل 14 مقترحة) في 12 مدينة، منها 5 ملاعب جاهزة ستجدد، على ان يتم بناء الأخرى.
في المقابل، يعول الملف الثلاثي على 23 مدينة ضمن لائحة أولية (بما في ذلك 4 مدن كندية و3 مكسيكية)، على ان تتضمن اللائحة النهائية 16 مدينة بملاعب بمعدل طاقة استيعابية 68 الف متفرج “مبنية وعملية”.
وستتم عملية اختيار البلد المضيف لمونديال 2026 للمرة الأولى من قبل أعضاء الفيفا، بعدما كان الأمر يقتصر على أعضاء اللجنة التنفيذية التي تتألف من 24 عضوا.
وأتى هذا التعديل في عهد انفانتينو الذي انتخب رئيسا للفيفا مطلع 2016، على خلفية شبهات الفساد والرشى حول عمليات منح سابقة لاستضافة كأس العالم، لا سيما روسيا 2018 وقطر 2022.
وشدد انفانتينو على ان الاجراء الجديد يتيح توفير قدر أكبر من الشفافية في عملية اختيار المضيف لأبرز بطولة عالمية في كرة القدم، والموعد الذي ينتظره مئات الملايين من عشاق اللعبة كل 4 أعوام، وتتداخل فيه الاعتبارات الرياضية والسياسية والاجتماعية، لا سيما العائدات المالية.
وتقول سيلفيا شينك من منظمة الشفافية الدولية، وهي منظمة غير حكومية وعضو في المجلس الاستشاري للفيفا لحقوق الانسان: “لا يوجد نظام مثالي، ولا توجد اي ضمانات، ولكن في الامكان الحصول على انظمة وقوانين محددة من شأنها أن تمنع الفساد المنتظم أو المستشري”.
كيف تجرى عملية التصويت؟:
تقوم الجمعية العمومية (كونغرس) للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالتصويت على اختيار البلد المضيف لمونديال 2026.
وتقام عملية التصويت للمرة الأولى بمشاركة كل الدول الأعضاء في الاتحاد (207 أعضاء بعد استبعاد الدول الأربعة المرشحة من عملية التصويت)، بدلا من اللجنة التنفيذية المؤلفة من 24 عضواً، كما درجت العادة سابقاً.
وسينشر “الفيفا” نتائج التصويت عبر موقعه الالكتروني، علماً ان التعديلات على نظام التصويت أقرت بعد سلسلة اتهامات بالفساد والرشى في عمليات تصويت سابقة.
وهذه التعديلات أقرت في عهد رئيس الفيفا الحالي السويسري جياني إنفانتينو، الذي انتخب على رأس المنظمة الكروية العالمية مطلع العام 2016، بعد سلسلة من الفضائح التي هزت كرة القدم وأدت الى الاطاحة برؤوس كبيرة أبزرها الرئيس السابق السويسري جوزيف بلاتر.
وبحسب أنظمة الفيفا، سيكون الأعضاء أمام ثلاثة خيارات لدى التصويت: الملف المغربي، الملف الثلاثي المشترك، أو رفض الملفين والمطالبة بعملية ترشيح جديدة.
ونظرا لوجود ملفي ترشيح فقط، يفوز الملف الذي ينال الغالبية المطلقة (أكثر من 50 في المئة) من الأصوات.
وفي حال نيل خيار “عملية ترشيح جديدة” الغالبية، سيؤدي ذلك عمليا الى رفض الترشيحين وقيام الفيفا بالطلب من الأعضاء الراغبين (باستثناء المرشحين الأربعة) بالتقدم بطلبات ترشيح للاستضافة.
ثمة احتمال آخر هو ألا ينال أي من الاحتمالات الثلاثة الغالبية، وعليه يتم الآتي: في حال كان عدد الأصوات لمصلحة “عملية ترشيح جديدة” أكبر من عدد الأصوات لمصلحة الملفين مجتمعا، يرفض ملفا الترشيح ويتم اعتماد إطلاق عملية ترشيح جديدة أيضا.
أما في حال نال الملفان مجتمعين عددا أكبر من عدد الأصوات لعملية ترشيح جديدة، تجرى جولة اقتراع ثانية يكون الأعضاء خلالها أمام خيارين لا ثالث لهما: المغرب أو الملف الثلاثي.