زنقة 20 | خالد أربعي
يصادف اليوم الثلاثاء 20 فبراير الذكرى السابعة لانطلاق احتجاجات حركة 20 فبراير بالمغرب و التي جاءت بعد اندلاع شرارة “الربيع العربي” بعدد من الدول العربية و التي سقطت على إثرها أنظمة عديدة فيما لازالت أخرى تعيش مخاضاً عسيراً لتحقيق الديمقراطية.
ففي مثل هذا اليوم من سنة 2011 خرج لأول مرة مئات الآلاف من الشباب المغربي في 54 مدينة وبلدة بصورة عفوية دون تعبئة نقابية ولا حزبية رافعين لافتات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، ومرددين شعارات تنادي بمحاسبة “المفسدين ووقف استغلال النفوذ ونهب ثروات البلاد”.
الحركة التي قادها شباب منهم من ينتمي لأحزاب سياسية و آخرون مستقلون طالبوا أيضاً بالفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية واستقلال القضاء وحرية الإعلام وإقامة ملكية برلمانية وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد.
التجاوب من أعلى سلطة في البلاد كان سريعاً مع الإحتجاجات حيث أعلن الملك محمد السادس في 9 مارس 2011 حزمة إصلاحات اجتماعية وأطلق عملية صياغة دستور جديد، تلتها انتخابات سابقة لأوانها ، أفرزت حكومة و برلمانا جديدين قادهما حزب العدالة و التنمية ذو التوجه الإسلامي الذي رفض الخروج للإحتجاج في 20 فبراير و باقي التظاهرات و ظل أمينه العام السابق و رئيس الحكومة المعفى “عبد الإله بنكيران” يهاجم شباب الحركة بشدة حتى وصفهم مرةً بـ”الغياطة”.
العديد من المثقفين و المفكرين و الكتاب المغاربة اعتبروا أن حركة 20 فبراير أظهرت أن المغاربة تحرروا بدرجة كبيرة من الخوف بفضل جرأة مطالب الحركة، واكتسبوا مساحات كبيرة من حرية التعبير و الحريات الشخصية.
و يقول الكاتب و المفكر المغربي “إدريس الكنبوري” في هذا الصدد أن حركة 20 فبراير انتهت منذ أن تم وضع دستور جديد وعرضه على الاستقتاء وتنظيم انتخابات مبكرة عام 2011.
و اعتبر “الكنبوري” في حديث لـRue20.Com أن الحركة لم تكن لديها مطالب واضحة منذ البداية، لأنها كانت مشكلة من عدة اتجاهات وحساسيات سياسية، من اليمين إلى اليسار، ولكن الفرقاء السياسيين بما فيهم حزب العدالة والتنمية يقولون إن الحركة حققت جميع أهدافها وهم يعنون بذلك الدستور والانتخابات اللاحقة عليه.
و يرى ذات المتحدث أنه لا يمكن القول بأن الحركة حققت كل ما كانت تنادي به، وهناك عدة أسباب من بينها عدم توحيد المطالب، وثانيا الصراعات الداخلية، وثالثا الامتدادات الحزبية داخل الحركة.
و أوضح أنه كان مطلوبا من أول حكومة تشكلت في مرحلة ما بعد الدستور الجديد وحراك الشارع أن تعكس تلك المطالب الاجتماعية والاقتصادية، فحزب العدالة والتنمية حسب “الكنبوري” اعتبر فوزه الانتخابي تعبيرا عن نجاح حراك الشارع في مهمته، خصوصا وأنه لأول مرة يرأس الحكومة وفي مرحلة دقيقة جدا، ولكن تلك الحكومة يضيف ذات المتحدث لم تكن قطيعة مع أساليب الحكومات السابقة في التدبير وجعلت محطة 20 فبراير مجرد محطة عابرة تم توظيفها سياسيا للوصول إلى الحكم.
من جهته يقول الدكتور في العلوم السياسية “رشيد لزرق” أن التحول الذي دشنت له حركة 20 فبراير؛ أظهر أن النخبة السياسية الكلاسيكية لم تكن مؤهلة للحمولة الديمقراطية، مع دستور متقدم حيث برزت نخبة متخلفة على مجاراته، و أظهر أن مشكل الديمقراطية مشكل نفوس و ليس نصوص، بحيث أنه مع دسترة الخيار الديمقراطي و اتجاه لمأسسة المشهد العام برزت في الشأن السياسي نخبة مرحلية شعبوية.
سيكون صعبا تقديم جرد دقيق عن إنجازات وإخفاقات حركة 20 فبراير يقول “لزرق” معتبراً أن فوز حزب إسلامي بدون مشروع اقتصادي و لا كفاءات تدبيرية، بعد سبع سنوات، أبقى عدد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي ثار من أجلها المغاربة بدون حلول ناجعة.
و رغم الدستور المتقدم يقول المحلل السياسي “لزرق” ظلت الممارسة السياسية في مكانها، بل استفحل بعضها، و عجز عن بلوغ مرحلة التنمية التي تحمي الخيار الديمقراطي، و ارتباك في تنزيل الجهوية الموسعة و تضامن جهوي إذ مزالت جهاتٍ محرومةٍ و ظلت الهوة التي تفصلها عن المركز المرفه .
“لزرق” يرى أن الحكومات التي جاءت بعد بروز حركة 20 فبراير لم تنجح في الاستجابة إلى تلك التطلعات التي فتحتها الحركة، ورفعت سقفها عاليا حيث قال ” قد تكون الضرورات والإكراهات، الإقليمية خصوصا، بعد بروز نخب انتهازية ركبت على الحراك من اليسار و اليمين ،فالبعض يحث عن الديمقراطية و الفرز القيمي و هو يمارس الدجل السياسي”.
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، يقول إن حركة 20 فبراير تنظيمياً انتهت ، مشيراً إلى أنه لم يعد شيء اسمه حركة 20 فبراير إلا من باب تخليد الذكرى.
ويتابع العلام في تصريح صحفي أن الفعاليات التي تنظم ذكرى 20 فبراير هي فقط تخليد لذكرى جميلة ومؤثرة في الحياة السياسية المغربية والاجتماعية والاقتصادية ، مستبعدا في المقابل إمكانية انبعاث الحركة من جديد.