زنقة 20 . الرباط
قدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعتبر أكبر منظمة حقوقية في المغرب، تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب الخاص بسنة 2014.
ورسم التقرير الذي تم تقديمه صباح اليوم الثلاثاء صورة سوداوية عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب خلال سنة 2014، وأكد أن السنة الماضية تميزت باستمرار خروقات حقوق الإنسان واستفحالها، وأنها اتسمت أيضا بمواصلة استهداف النشطاء الحقوقيين، والتضييق على الجمعية.
وتطرقت الجمعية الحقوقية في تقريرها لوضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها خلال سنة 2014، حسب مجموعة من المجالات، وقالت إن أهم ما ميز ويميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هو التراجع الخطير في مجال الحريات والحقوق الأساسية، مؤكدة أن الدولة تنتهج سلوكا قمعيا في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي، واستعمال الفضاءات العمومية والخاصة لتنظيم أنشطة حقوقية أو نقابية أو سياسية.
على المستوى التشريعي والمؤسساتي:
فيما يخص الدستور قالت الجمعية إنه رغم إدراجه لعدد من الحقوق والحريات كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات لأجرأة هذه الحقوق، وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع، مضيفة أن دستور 2011 يقيد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بسقف الخصوصية، وأنه لا يكرس للمساواة الفعلية بين النساء والرجال، وأنه لا يضمن الفصل الحقيقي بين السلط، ولا يقيم فصلا بين الدين والدولة، ولا يضمن استقلال القضاء.
وبخصوص الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، فقد سجلت الجمعية البطء الشديد الذي يشوب عملية التصديق عليها وإعمالها؛ وكذا تلكؤ الدولة في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
وانتقدت الجمعية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي قالت إنه لم يستثمر بعد كل الصلاحيات المخولة له لمتابعة ورصد الانتهاكات الجارية الماسة بالحقوق المدنية والسياسية وبحقوق الفئات، وأنه لم يكن يقف موقفا حازما، كما يتوجب عليه ذلك، لاسيما في مواجهة الاعتداءات التي يتعرض لها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان.
الحقوق المدنية والسياسية:
فيما يخص الحق في الحياة، قالت الجمعية في تقريرها إنه تم تسجيل العديد من الخروقات التي تمس هذا الحق، والتي تتحمل فيها الدولة المسؤولية إما مباشرة أو بشكل غير مباشر؛ وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، وفي الأماكن العمومية، وبالمراكز الصحية، وفي السجون، وفي بعض الأحداث الاحتجاجية، وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، كما سجلت الجمعية استمرار إصدار أحكام الاعدام خلال سنة 2014 رغم المطالبة بإلغائها.
وفيما يخص الاعتقال السياسي سجل التقرير وجود أزيد من 251 حالة، مست شرائح متعددة من المواطنات والمواطنين؛ وفي مقدمتهم المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان، وتطرق التقرير أيضا للاختفاء القسري بالمغرب وجاء فيه أنه رغم مصادقة الدولة على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإنها ولحد الآن لازالت لا تحترم التزاماتها الناتجة عن ذلك.
كما قالت الجمعية إن التعذيب لا زال مستمرا في المغرب، مضيفة أنه ممارسة اعتيادية للأجهزة الأمنية، وأثناء حديث الجمعية عن حرية الصحافة سجلت استمرار تراجع تصنيف المغرب في سلم حرية الصحافة، للمنظمات الدولية، مؤكدة استمرار التضييق على الصحافيين.
وبخصوص حرية المعتقد قالت الجمعية إن الدولة المغربية تعمل على فرض وحدة العقيدة ووحدة المذهب في جميع مناحي الحياة العامة.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
قالت الجمعية إنها سجلت استمرار نفس الأوضاع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بحيث لم تعرف أهم المؤشرات أي تحسن ملموس، بل أحيانا سجلت تراجعا خطيرا؛ حيث لم تعمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة من قبل الدولة، خلال السنة سوى على استدامة نفس الاختلالات المسجلة في السنوات السابقة، بل وزادت من تعميقها، استجابة لإملاءات الدوائر المالية العالمية وسعيا وراء تدبير التوازنات الماكرواقتصادية عبر التضحية بالحاجات الاجتماعية الملحة.
حقوق المرأة:
جاء في تقرير الجمعية أن المغرب يعرف بطء مسلسل الحد من الفوارق بين النساء والرجال؛ كما أن مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحسب ذات المصدر تبقى محدودة، في ظل تبعية السياسة الاقتصادية لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ويبقى الإقرار بدورها في تنمية الناتج الداخلي الخام مجرد شعار ليس إلا بحسب الجمعية.
حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء:
ازدادت وضعية اللجوء والهجرة بحسب الجمعية سوءا، حيث لا يزال العنف يمارس على نطاق واسع اتجاه المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء خاصة الموجودين قرب المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية؛ كما سلطت الجمعية الضوء على معاناة آلاف السوريين الفارين من جحيم الحرب الدائرة في بلادهم والتي تزداد حدة مع إغلاق الحدود المغربية الجزائرية مما يجعل العابرين للحدود من اللاجئين رهائن للصراع السياسي بين البلدين.