زنقة 20 . وكالات
أظهرت دراسة أعدتها وزارة الاقتصاد والمالية ، أن معدلات النمو المسجلة في المغرب كانت الأفضل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2008 و2014، على رغم الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية.
وأشارت إلى أن معدل النمو كان يبلغ نحو 4.3 في المئة من الناتج الإجمالي سنوياً. في حين لم يتجاوز متوسط النمو 4 في المئة في معظم الدول العربية، و0.3- في المئة في منطقة اليورو، و2.3 في المئة في شرق أوروبا، و3.2 في المئة في أميركا اللاتينية.
وتزامنت هذه الفترة مع اندلاع الحراك الاجتماعي في الكثير من الدول العربية التي تضررت من تداعيات الربيع العربي، وشهدت أوروبا أصعب مرحلة في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تخطّت الديون إجمالي الناتج المحلي، وزادت البطالة إلى ما فوق 12 في المئة. واقترب النمو من الصفر في منطقة اليورو، التي هربت منها السياحة والتحويلات والاستثمارات نحو الضفة الجنوبية للبحر المتوسط.
وصادفت هذه المرحلة إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية وحقوقية وقطاعية كثيرة في المغرب، ساعدت في تخطّي الأزمة وتبعاتها المتشعّبة والاستفادة من الوضع الجديد الذي خرج منه العالم بعد الأزمة.
وباتت الرباط تطالب بمقعد بين الأسواق الناشئة، بعدما أصبحت فاعلة اقتصادياً في أفريقيا جنوب الصحراء، ولاعباً رئيساً في غرب البحر المتوسط.
وساهمت قطاعات المهن الجديدة مثل صناعة السيارات وأجزاء الطائرات والتكنولوجيا الحديثة والطاقات البديلة والاتصالات والمصارف والتأمين، في تطور الاقتصاد المغربي خلال السنوات العشر الماضية.
وللمرة الأولى، أصبحت الصناعة المصدر الأول للعملة الصعبة قبل الفوسفات والمعادن والصادرات الزراعية، وبلغت إيرادات السيارات وحدها نحو خمسة بلايين دولار.
ووفقاً للدراسة، فإن حجم الإنتاج الصناعي يقدّر حالياً بنحو 16 في المئة من الناتج الإجمالي، ويعمل فيه 1.3 مليون شخص معظمهم من الفنيين والتقنيين والمهندسين. ويسعى «مخطط الإقلاع الصناعي» إلى بلوغ 24 في المئة من الناتج بحلول عام 2020. ويُنتج المغرب 26 في المئة من مجموع السيارات في أفريقيا، مع نحو 400 ألف سيارة هذه السنة.
وأعلنت شركة «فورد» الأميركية، فتح فرعين لها في الدار البيضاء وطنجة، في خطوة نحو إنشاء وحدات لتصنيع وتركيب سياراتها الموجهة إلى المنطقة العربية والأفريقية والأوروبية. وبدأت «بيجو» الفرنسية إجراءات لإنشاء وحدة تركيب الطرازات الخفيفة في المغرب. وُيوصف المغرب بأنه مصنع السيارات الخفيفة على غرار التجربة الهندية.
وحقّق المغرب نمواً مرتفعاً في الثلث الأول من السنة، مستفيداً من تراجع أسعار الطاقة وتحسّن الإنتاج الزراعي وزيادة الطلب على الصادرات الصناعية. ويُتوقع أن يبقى النمو بين 4.6 و5 في المئة خلال العامين المقبلين. لكن الاقتصاد المغربي يواجه في المقابل ضعفاً في التنافسية الخارجية، وقلة في الخبرة التكنولوجية، ونقصاً في الاستثمارات الخارجية، وارتباطاً في التقلبات المناخية في مجال الإنتاج الزراعي، الذي يساهم بنحو 15.5 في المئة في النمو ويشغل أربعة ملايين موظف ومزارع، معظمهم من مستويات تعليمية ضعيفة. ويتأثر النمو الاقتصادي كثيراً بكميات الأمطار، وقد يرتفع إلى 7.8 في المئة مثل ما حصل عام 2006، أو ينخفض إلى 2.7 في المئة كما كان في 2012.
كما أثّرت أسعار النفط المرتفعة خلال تلك الفترة، سلباً في ميزان المدفوعات الخارجية، الذي ارتفع عجزه المالي من 14 في المئة بين عامي 2000 و2007، إلى 22 في المئة من 2008 إلى 2014، حيث قُدّرت مشتريات الرباط من الطاقة بأكثر من 10 في المئة من الناتج الإجمالي، وبنحو 50 في المئة من قيمة الصادرات.
وساهمت الزراعة في تقليص أثر التقلبات الدولية بمعدل 2 في المئة سنوياً، وظلت تنمو بمعدل يزيد عن 9 في المئة سنوياً، وبحجم استثمارات يقدّر بـ14 بليون درهم العام الماضي، بفضل «مخطط المغرب الأخضر» الذي يستهدف رفع مستوى الأمن الغذائي وزيادة الصادرات الصناعية الغذائية من 5 إلى 10 في المئة من الناتج الإجمالي بحلول عام 2020.
وعلى رغم الرهان على الصناعة من أجل التصدير وتعديل الميزان التجاري، والعناية بالزراعة لتأمين الغذاء، فإن تركيبة الاقتصاد المغربي تُظهر اتساعاً في المهن المرتبطة بالخدمات التي أصبحت تمثل 55 في المئة من مجموع الناتج الإجمالي، ما قد يوفر أكبر عدد من فرص العمل ويحتاج إلى استثمارات أقل لمعالجة بطالة الشباب، التي تمثّل تحدياً للأداء الاقتصادي. كما أن استمرار الفقر والتهميش يعكس ضعف عامل الاندماج لدى الفئات الأقل تعليماً.
ويراهن الاقتصاد المغربي في السنوات العشر المقبلة، على 12 قطاعاً استراتيجياً يقوم عليها مستقبل المغرب، هي الزراعة والصيد البحري والصناعة الغذائية، والمعادن والفوسفات، والطاقات المتجددة والمياه والكهرباء، والصناعات التحويلية والاستخراجية والتقليدية، والأشغال الكبرى والبناء والتشييد، والنقل والسياحة والترفيه والخدمات والفنادق والاتصالات والإعلام والتكنولوجيات الحديثة، وأسواق المال والبورصة والتأمين والأنظمة الرأسمالية.