زنقة 20 . الرباط
يعكس المشروع الضخم لأنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، التي يقوم الملك محمد السادس بزيارة رسمية وتاريخية لها، إرادة قوية في تدارك الوقت الضائع من أجل تفعيل اندماج إقليمي حريص على تلبية الحاجيات الأساسية للأفارقة.
ويشكل أنبوب الغاز العابر لإفريقيا، بالإضافة إلى مشاريع أخرى، كمشروع تطوير أرضية لإنتاج الأسمدة بنيجيريا، من دون شك مبادرات استراتيجية تندرج في إطار التعاون جنوب – جنوب والتي تعلن عن ميلاد شراكة بين قوتين قاريتين.
وأكد جان مارك مايار الباحث في الشؤون الاقتصادية أن ” الرباط تطلق توجها استراتيجيا غير مسبوق مع نيجيريا، هذا البلد الكبير على المستوى الإفريقي الذي يبدو أكثر وعيا بمؤهلات المملكة من أجل فتح صفحة جديدة من الاندماج الاقتصادي على مستوى الجهة “.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الموقع الجيو استراتيجي للمغرب على أبواب القارة العجوز وكرابط بين كبار المنتجين للمحروقات الأفارقة، والأسواق الغربية يجعل من المملكة فاعلا لا محيد عنه لنقل الغاز والذهب الأسود ويتعلق الأمر بأنبوب للغاز برهانات تجارية واقتصادية، وكذا جيو استراتيجية، بالإضافة إلى أنه يقوم بإشراك جميع البلدان المعنية في أفق التسريع بمشاريع مد الشبكة الكهربائية في المنطقة.
من جانبه، قال مورلاي بانغورا، المندوب المكلف بالطاقة بلجنة مجموعة دول غرب إفريقيا (سيدياو) أن ” منطقتنا في حاجة إلى هذا المشروع الضخم حيث تزخر بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي، من بينها نيجيريا التي تتحصل لوحدها على 90 في المائة من المداخيل وتتوفر على 30 في المائة من الاحتياطات القارية “.
كما تعتبر غانا والكوت ديفوار من بين المنتجين والمستهلكين لهذا المصدر الاستراتيجي للطاقة. وتعد الاكتشافات الأخيرة لآبار مهمة للغاز بالسينغال والنيجر، وكذا استغلال اكتشافات جديدة في كوت ديفوار وغانا، بمستقبل واعد لمشروع أنبوب الغاز الذي طال انتظاره.
وتفتح الشراكة بين المغرب ونيجيريا الطريق أمام تزويد البلدان التي سيمر منها أنبوب الغاز بالطاقة، والذي سيبلغ أربعة آلاف كلم. هذا المشروع الضخم ما بين خليج غينيا والمغرب يمكن أن يتم ربطه في المستقبل مع أوروبا التي تستهلك المحروقات بشكل كبير.
وأكد رئيس الدبلوماسية النيجيرية غوفري أونياما تشبث أبوجا بانفتاح أكبر على السوق الأوروبية للطاقة، مع الاستفادة من التكامل مع المملكة وبلدان إفريقيا الغربية.
وسيساهم المغرب على الخصوص في تطوير أقطاب صناعية مندمجة في المنطقة في قطاعات الصناعة، والأسمدة من أجل جذب الرساميل الأجنبية.
ويرى محللون، أن الأمر يتعلق بتعزيز تنافسية الصادرات وتحفيز الاستغلال المحلي للموارد الطبيعية لفائدة الأسواق الوطنية والدولية.
هذه الأرضية للتعاون جنوب – جنوب تروم خلق مشاريع مشتركة قادرة على وضع المنطقة بأكملها على سكة نمو قوي يستفيد من التكامل والتعاون المستدام قائم على مقاربات شاملة. هذه الرؤية تجسد الاستراتيجية التضامنية والمندمجة للملك اتجاه إفريقيا، والتي يأتي على رأسها تطوير نموذج لتعاون اقتصادي مشترك ومربح، وتحسين ظروف عيش الساكنة في إفريقيا.
كما أن الشراكة المغربية النيجيرية لا تنحصر على المحروقات والأسمدة، بل تشمل مجالات مختلفة كالتكوين والاستثمار والمعادن والنهوض بالكفاءات، والسياحة والمالية، والتأمين واللوجيستيك.
هذه الدينامية الثنائية تجسيد لريادة الملك محمد السادس والتزامه بالاستثمار في التنمية المشتركة في إفريقيا. وهكذا، يقرن الملك القول بالفعل من خلال التموقع كرائد للتعاون جنوب – جنوب الذي من شأنه فتح باب الآمال أمام الشعوب الإفريقية.