جمعية عدالة: هذه هي أعطاب محاكم المملكة

زنقة 20 . الرباط

كشف بحث ميداني أعدته “جمعية عدالة” حول “شروط وضمانات المحاكمة العادلة”، بمساهمة خبراء، أن عدد القضايا الرائجة يؤثر بشكل كبير على المعدل العادي المفترض لعدد القضايا التي يمكن أن ينظر فيها كل قاض.

تحدث البحث، الذي قدم مساء السبت المنصرم، بالرباط، عن تسجيل 59 ألفا و515 قضية رائجة في المحكمة الابتدائية بفاس، حسب إحصائيات وزارة العدل سنة 2011، و57 قاضيا و198 موظفا، فيما بلغ عدد القضايا الرائجة بمحكمة الاستئناف 75 ألف قضية و30 قاضيا و141 موظفا. أما في المحكمة التجارية، سجلا 1710 قضايا، و12 قاضيا و56 موظفا، فيما سجلت المحكمة الابتدائية بصفرو 19 ألفا و921 قضية رائجة، و19 قاضيا و110 موظفين.

ولاحظ البحث، الذي خصّ محاكم مدينتي فاس وصفرو كنموذج، بشأن “وضعية المحاكم الحالية ومعيقات تحقيق الولوج إلى العدالة” أن المحاكم التجارية، ومنها محكمة فاس، تعاني العديد من المشاكل في عدد القضاة، وضعف البنية التحتية، وسوء توزيع القضاة على المحاكم، والاشتغال في ظروف قاسية، فضلا عن إشكالات مرتبطة بالعنصر البشري وتأثيرها على سير القضاء.

وقدم البحث مجموعة من المقترحات، أبرزها ضرورة توفير بنيات تحتية تتوفر على مكاتب متعددة ذات مساحة تستوعب عدد الموظفين الموجودين في كل مكتب.

كما أظهر البحث وجود ضغط كبير على الملفات بقضاء الأسرة بمدينة فاس، التي يوجد بها 15 قاضيا فقط، لعشرة آلاف و102 قضية رائجة، حسب إحصائيات 2013، بمعدل 673 قضية لكل قاضي.

في موضوع “العلاقات السوسيو مهنية داخل إدارة المحاكم”، سجل البحث ضعف الاندماج، وسيادة فردانية سلبية، ومحدودية التواصل والتضامن بين الأفراد العاملين، ما يؤشر على “مناخ ثقافي داخل العمل، لا يضمن مشاركة ديناميكية للعمل الإداري في ضمان شروط قوية ودائمة للمحاكمة العادلة”.

وتوصل البحث، من خلال عينة من المبحوثين (200 مبحوثة ومبحوث من محكمتي الأسرة بفاس وأزرو، والمحكمة الإدارية والمحكمة التجارية بفاس، ومحكمة النقض بالرباط)، إلى أن “بنية العلاقات الفردية والجماعية مطبوعة بواقع التفكك وضعف التهيكل، إذ أن كل المؤشرات المعتمدة لقياس هذه العلاقات، تؤكد غياب علاقات فردية وجماعية بين الأفراد المبحوثين داخل إدارة المحاكم موضوع البحث، إذ أن التحدث بين الزملاء في العمل، والثقة بينهم داخل العمل، وقدرة الكلام حول الصعوبات التي قد تحدث في العمل، كلها مظاهر غير قوية وسلبية داخل الواقع اليومي لعمل المبحوثين والمبحوثات”.

وسجل البحث أن “الصراحة في الكلام والتحدث عن المشاكل أمر صعب، والثقة في سلوكات الشغل مفقودة، وبالتالي، فإنه جو اجتماعي تطغى عليه السلوكات الفردانية والمصالح الأنانية، وجو نفسي مثقل بالخوف وعدم الاطمئنان للآخر”. وأظهر البحث الواقع نفسه في بنية التواصل داخل إدارة المحاكم، وأن واقع تبادل المساعدة ضعيف.
بالمقابل، كشف البحث الميداني أن أقوى بنية متماسكة داخل العمل في المحاكم موضوع البحث، هي البنية التراتبية، إذ سجل أن “السلطة التراتبية مُحكمة القيام، قوية التأثير، ومقبولة لدى الجميع، وحرية العمل أو أسلوب العمل منعدمة تقريبا، الأمر الذي يخلق واقعا اجتماعيا وثقافيا قائما على انطواء الأفراد على مهامهم كما هي محددة سلفا، فضلا عن انعدام المبادرة والاجتهاد اللذين يجعلان العمل مجالا لتحقيق الذات وبناء الهوية الثقافية”.

وخلص البحث إلى أن “العلاقات الفردية والجماعية ضعيفة، والتواصل محدود في مستوياته الدنيا، والتضامن جد ضعيف، والعلاقات التراتبية صارمة، وتعدم أي إمكانية للاجتهاد والمبادرة”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد