الإتحاد الإشتراكي : بنكيران فشل في تشكيل الحكومة وهاجسه الوحيد هو ‘توزيع الغنيمة’

زنقة 20 . الرباط

في افتتاحية نارية له اعتبر حزب الإتحاد الإشتراكي أن المغرب نجح بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، في تحصين جزء أساسي من المكاسب السياسية المحققة بفعل النضال التاريخي الطويل للقوى الوطنية، وذلك عبر التكريس الإرادي للمنهجية الديمقراطية.

و أشارت الإفتتاحية التي نشرها الحزب على موقعه الرسمي أنه مباشرة بعد إعلان النتائج الانتخابية التي تصدرها حزب العدالة والتنمية، كلف الملك عبد الإله بن كيران بتشكيل الحكومة تفعيلا للفصل 47 من الدستور،و ليس بالضرورة لأنه أمين عام، ولكن لانتمائه للحزب المتصدر للانتخابات مشيراً إلى أن ” السرعة التي طبعت تفعيل جلالة الملك للمقتضيات الدستورية قابلها بطء شديد وتعثر واضح في معالجة المكلف بتشكيل الحكومة لمسار المشاورات السياسية لتكوين تحالفات ذات أغلبية مريحة”.

واعتبرت الإفتتاحية ” أن المنهجية الديمقراطية لوحدها، وإن كانت تمثل الأساس الصلب للممارسة السياسية الصحيحة، غير قادرة على إفراز مشهد سياسي سليم إذا لم تواكبها منهجية تفاوضية ناجعة” مضيفةً أنه ” إذا كانت المنهجية الديمقراطية آلية سياسية دستورية تؤطر مخرجات الاستحقاق الانتخابي، فإن المنهجية التفاوضية لا تقل أهمية عن المنهجية الديمقراطية اعتبارا لكونها تشكل آلية تواصلية توافقية لانبثاق أغلبية حكومية وبناء تحالفات منسجمة ومتماسكة”.

و أشار الحزب إلى أنه “يمكن الإقرار بأن غياب التوازي بين المنهجيتين ناتج عن طبيعة إدراك الفاعل لمنهجيته ضمن صلاحياته السياسية والدستورية حيث أبانت وقائع ما بعد السابع من أكتوبر 2016 أن ثمة بونا شاسعا بين إدراك الملك لمنهجيته وإدراك رئيس الحكومة المكلف لمنهجيته”.

حزب “الوردة” أوضح أن ” المؤشر الزمني حاسما على هذا المستوى إذ عين جلالة الملك رئيس الحكومة الجديد في حدود ثلاثة أيام من ظهور النتائج الانتخابية، بينما لم يستطع رئيس الحكومة المكلف تشكيل أغلبيته لما يقارب الخمسة أشهر من تاريخ التكليف الملكي”.

” إن ترسيخ المنهجية الديمقراطية على المستوى الدستوري لم تواكبها بلورة واعية للمنهجية التفاوضية على المستوى السياسي الموازي، وبالتالي وقع إخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتق الفاعل السياسي: رئيس الحكومة المكلف فجوهر التفاوض يكمن في ضمان دينامية سياسية تتلو الحركية الانتخابية لإنجاز نوع من التحول في تدبير الشأن العام، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في ذهنية من يعتقد أن الزمن السياسي توقف يوم 8 أكتوبر 2016 وأدخل المجتمع السياسي مرحلة السكون مخضعا تفكيره للجمود والثبات” تضيف افتتاحية الإتحاد الإشتراكي.

و أضاف الحزب في افتتاحيته أن ” الأستاذ عبد الإله بن كيران لم يستطع إيلاء العناية اللازمة لمنهجيته التفاوضية ولم يستحضر المقولة التي تفيد بأن الفعل السياسي تحول دائم وتقدم تراكمي، مما أدى إلى بروز منطقين متباعدين: منطق الصدارة الذي ظل حبيس رقم أدى وظيفته الدستورية (تعيين رئيس الحكومة)، ومنطق الشراكة الذي يتجاوز دلالة الأرقام غير المفيدة في منظومة انتخابية لا تفرز أغلبية مطلقة لحزب واحد”.

واعتبرت الإفتتاحية أن “منطق الصدارة أنتج تفكيرا سياسيا عقيما من تجلياته الكبرى التعثر المضطرد للمشاورات السياسية وعدم القدرة على المحافظة على النفس التفاوضي المتدرج الكفيل بإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل المطروحة التي تعتبر طبيعية في المجال السياسي ومن ثمة، ابتعد هذا التفكير العقيم عن أساسيات المجال السياسي متوسلا بجملة من التبريرات الأخلاقية الواهية التي تحاول التغطية على الإخفاق في تحمل مسؤولية تشكيل الحكومة والتي كان آخرها الحديث عن الإهانة”.

و أشارت الإفتتاحية إلى أن ” غياب الاهتمام بالمنهجية التفاوضية فسح المجال أمام هيمنة لغة سياسية منغلقة تتماهى مع نظرية المؤامرة ومفاهيم الفكر الحربي معلنة عن قاموس مناهض للتفاوض السياسي من قبيل: الانقلاب الناعم على نتائج صناديق الاقتراع، الاصطفافات المبدئية، الشياطين في مواجهة الملائكة، الذات الواحدة المدافعة عن الوطن، وغيرها كثير” مشيرةً إلى أنه “غاب منطق الشراكة لتحل محله الرؤية المنغلقة على الذات ويطفو إلى السطح التعصب والاندفاع بوصفهما العنوان البارز لتعثر المشاورات السياسية والمؤشر الواضح على فشل الأستاذ عبد الإله بن كيران في تشكيل الحكومة”.

واعتبر الحزب أنه “كان بالإمكان تبني منهجية تفاوضية تتوسل بمنطق الشراكة الذي يفضي إلى التركيز على المؤتلف والابتعاد عن المختلف والتحلي بالحس التشاركي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار الثنائيات الواهية في مجال التوافق السياسي: الأقوى والأضعف أو الأكبر والأصغر أو الأول والأخير” مشيراً إلى أن ” المنطق التشاركي، الواعي بمبادئ الشرعية والمشروعية والمصداقية والفعل السياسي الجماعي، قادر على الوصول إلى تشكيل حكومة قوية ومنسجمة وتحصين عملها والدفاع عن حصيلتها بنفس الحماس وعلى نفس القدر من المسؤولية”.

و أكد الحزب أن ” المسؤولية الحكومية مربوطة بالمحاسبة، فإنه لا يستقيم إعمال منطق الصدارة (توزيع الغنيمة) في تشكيل حكومة من المفترض أن يقدم أطرافها حصيلتهم، ليس على أساس المقاعد التي حصلوا عليها في الانتخابات التشريعية أو عدد المناصب الحكومية التي احتلوها، بل على أساس المسؤولية المشتركة ذات البعد الجماعي لا القطاعي أو الحزبي”.

و تأسف الحزب عن ” عجز رئيس الحكومة المكلف بتشكيل الحكومة عن تبني منهجية ناجعة وامتلاك الآليات الضرورية لإجراء تفاوض متعدد الأطراف منجذبا أحيانا نحو تموقع ثنائي صرف، ومتوجها أحيانا أخرى نحو التملص المرحلي من الاتفاقات المعلنة والإعلان عن الرأي الموالي المناقض للرأي السالف”.

واعتبرت الإفتتاحية أن رئيس الحكومة ” ركز على رقعة المفاوضات بذهنية رقمية خالصة، لكنه لم يستطع – طيلة المسار المتعثر – أن يستوعب تحولات السياق التفاوضي وأن يجيد فعل الإنصات وأن يتيح المساحات الزمنية الكافية لنفسه قبل التعبير وإطلاق التصريحات”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد