مهتمون بالحقل الشبابي يدقون ناقوس الخطر من ارتفاع نسب الإنتحار بالمغرب

زنقة 20 . الرباط

اعتبر مهتمون بالحقل الشبابي في المغرب أن انتحار الشباب أصبح ظاهرة تتطلب تبني مقاربة وقائية تقوم على التقائية الاختصاصات بين علم النفس وعلم الاجتماع والفاعلين المؤسساتيين والجمعويين.

وأضافوا، في عروض قدموها ضمن ندوة نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار فعاليات الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب حول “الشباب والانتحار”، أن الأرقام التي تنشرها منظمة الصحة العالمية في هذا الصدد تبقى ” أرقاما مخيفة” تكشف عن حجم هذه الظاهرة على المستوى العالمي، حيث إنه يتسم تسجيل حالة انتحار كل أربعين ثانية عبر العالم.

وفي هذا الصدد، أكدت مريم بوزيد العراقي رئيسة جمعية “ابتسامة رضى”، وهي جمعية تأسست منذ ثمان سنوات بعد انتحار طفل لم يتعد عمره حينها 13 سنة، لم يكن سوى ابنها رضى، أن إقدام الأطفال والشباب على اتخاذ قرار الانتحار، رغم حداثة سنهم، يؤشر على وجود معاناة نفسية كبيرة لم يستطع محيطوهم التعرف إلى أعراضها، ومن تم شددت على أهمية الاقتراب من الأطفال والاستماع إليهم، والانتباه إلى التغيرات التي يمكن أن تطرأ على سلوكياتهم، للتعامل معها في حينها قبل أن تتطور إلى عوارض مرضية تقود الطفل والشاب إلى الانتقال إلى مرحلة الفعل (الانتحار).

وأشارت إلى أن مجال اشتغال الجمعية يتمثل في القيام بحملات تحسيسية وقائية داخل المؤسسات التعليمية، وفتح مجال للتواصل مع الأطفال والشباب في وضعية نفسية صعبة عبر الانترنت من خلال مبادرة “سطوب سيلونس”، وهي عبارة عن مراكز استماع افتراضية، لتمكين الشباب، وعبر تقنية “الشات”، من التحاور مع متخصصين في الاستماع متطوعين جرى تكوينهم داخل الجمعية وفق مناهج علمية متطورة.

من جهته، أبرز الأخصائي النفسي عادل خوبيلة أن الأفكار الانتحارية لدى الشباب مؤشر على وجود حالة مرضية، يجدر الاهتمام بأعراضها، بدل الانشغال الكلي بتحديد أسبابها التي تبقى،برأيه، متداخلة ومتشابكة يصعب حصرها، معتبرا أن تحديد الأعراض بدقة يسهل مهمة المعالج النفسي في التعاطي مع الحالة، والتدخل بشكل أسرع لتخليص الشاب المريض من تلك الأفكار السلبية.

وأشار إلى أن معالجة هذه الظاهرة المرضية يقوم على توفير الدعم الأسري والاجتماعي للشخص المريض، لإخراجه من عزلته وتمكينه من الانصهار داخل شبكة اجتماعية، تتيح له إعادة تثمين قدراته، واسترجاع ثقته في نفسه، وبالتالي التخلي عن تلك الأفكار التي شكلت له شحنة سلبية كانت ستقود به إلى تنفيذ قرار الانتحار.

وبالنسبة للباحث في العلوم الاجتماعية خليل الحنفيوي فإن الانتحار، كظاهرة ذات أبعاد نفسية واجتماعية، لم تحظ بالقدر الكافي من البحث والدراسة العلمية، موضحا أنه من المهم جدا التفكير في مقاربة شمولية وإيجاد آليات للاستماع للشباب، وإدماجهم في الحياة العامة.

ونبه بهذا الخصوص إلى أن المجتمع المغربي تهيمن عليه، للأسف، بعض تمثلات السلبية التي تصور الشباب كفئة فاقدة للأهلية الفكرية التي تخول لها المساهمة الفعلية في تنمية مجتمعها، مستعرضا مجموعة من الأمثال الشعبية الدالة على ذلك.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان اختار شعار “شباب المغرب…المستقبل” كعنوان لمشاركته في دورة هذه السنة من المعرض، ليجعل من الشباب موضوعا محوريا لسلسلة من اللقاءات والندوات، التي تهدف إلى مناقشة وضعية الشباب بالمغرب، والوقوف عند المكتسبات والتحديات التي تطرح في هذا المجال، فضلا عن تقديم مجموعة من الاقتراحات الرامية إلى تعزيز حقوق هذه الفئة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد